الأخبارتقارير

الاتفاق الإطاري.. تفاصيل جديدة

الخرطوم | برق السودان

يبدو أن هناك مشهداً جديداً يتخلق في المشهد السياسي السوداني، ومنذ مساء أمس الاول (الخميس) تواترت أنباء عن توقيع اتفاق اطاري بين الفرقاء السودانيين ربما اليوم (السبت) ان لم يكن خلال الثماني واربعين ساعة المقبلة، ولا يبدو التثبت من تفاصيل العملية السياسية الجديدة سهلاً، رغم أن كل المؤشرات تنبئ بأن ساعة الحسم قد اقتربت، وأصبح كل شيء ممكناً، وبات الفرقاء السودانيون على بعد خطوات من التوقيع على اتفاق اطاري لانهاء الأزمة السياسية وإعادة البلاد إلى مسار التحول المدني الديمقراطي.

وعقدت الحرية التغيير عبر اللجنة الفنية اجتماعات متواصلة أمس (الجمعة) لوضع اللمسات الأخيرة على مسودة الاتفاق الإطاري المقترحة لتسوية الأزمة مع المكون العسكري المزمع توقيعه في هذا الاسبوع.
تحديد موعد التوقيع
وحدد المتحدث باسم المكتب التنفيذي شهاب إبراهيم الطيب موعد التوقيع على الاتفاق الاطاري خلال (48) ساعة خلال يومي السبت والاحد.
وقال شهاب لـ (الانتباهة) إن الموقعين على الاتفاق هم تحالف قوى اعلان الحرية التغيير ودعم الانتقال المؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي ــ مجموعة الحسن الميرغني وجماعة أنصار السنة.
ونفى رفض او تحفظ حزب البعث العربي الاشتراكي على الاتفاق الاطاري.
وأقر بتأثير القوى السياسية الرافضة للعملية السياسية، لكن استدردك قائلاً: (نحن نسعى للتوقيع على الاتفاق الاطاري لكي نفتح به حواراً مع الرافضين له).

ولكن القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي بروفيسور صديق تاور قال لـ (الانتباهة) إن حزبه قدم ملاحظات جوهرية حول العملية الجارية، وكلفت لجنة من المجلس المركزي لدراسة هذه الملاحظات التى تمثل تباينات لا يمكن تجاهلها، على أن تنقل اللجنة حصيلة النقاشات للمجلس، مشيراً الى أن هناك أطرافاً أخرى أيضاً لها ملاحظات مازالت قيد الدراسة ستحدد الشكل الذى سيكون عليه الحال، وحتى الآن محتوى الاتفاق لا يشير بوضوح لما يضمن البناء عليه بثقة.
وفي المقابل قالت عضو المجلس المركزي للحرية التغيير عبلة كرار لـ (الانتباهة) إن اجتماع المجلس ناقش ملاحظات المكون العسكري على مسودة الاتفاق الاطاري المزمع توقيعها مع خلال الاسبوع الجاري، بجانب تمثيل النساء بنسبة 40% في هياكل السلطة الانتقالية، ومراجعة صياغة المواد حتى تكون اكثر حساسية تجاه قضايا النوع.

وكشفت علبة عن أن الاجتماع الاخير رحل نقاش خمس قضايا ستكون تفاصيلها في الفترة القادمة ــ مرحلة الاتفاق النهائي ــ وهي العدالة والعدالة الانتقالية، حيث أنها قضايا تحتاج لمشاركة أصحاب المصلحة وأسر الشهداء، وكذلك تشمل كل الذين تضرروا من انتهاكات حقوق الانسان منذ 1989م، فضلاً عن اتفاق السلام والاصلاح الامني والعسكري وقضايا الشرق وتفكيك وتصفية بنية نظام الثلاثين من يوليو1989م، هذا وقد تضمنت مسودة الاتفاق الإطاري ذات القضايا دون تفاصيل.

استقرار سياسي

ولكن المتحدث باسم لجنة مقاومة مدينة الخرطوم حسام علي قال لـ (الانتباهة): (لا نتوقع أن تتمكن التسوية المزمعة من الوصول إلى اي استقرار سياسي حال اكتملت طبعاً، والمستفيد الوحيد منها هم الانقلابيون وفلول النظام، وستثبت الايام صحة قراءتنا).
وفي ما يتعلق بالتوقيع على الاتفاق الاطاري يقول حسام إن موقفهم واضح في ما يتعلق بالحل السياسي، وإسقاط الانقلاب هو البداية لأي حل سياسي جاد، وما عدا ذلك هو بناء على أساس هش ومراوغة انقلابية ستعقد الوضع اكثر.

ومن المقرر أن توقع الحرية والتغيير وقوى أخرى وقادة الجيش على اتفاق إطاري يتعلق بنقل السلطة إلى المدنيين، ويعقبه اتفاق نهائي يبحث قضايا العدالة والإصلاح العسكري وتفكيك بنية النظام السابق وتعديل اتفاق السلام.
غير أن التسوية السياسية المطروحة برمتها تواجه رفضاً واسعاً من تحالف قوى التغيير الجذري ولجان المقاومة التي رفعت شعار (لا تفاوض.. لا شراكة.. لا شرعية) مع المكون العسكري، وتبحث المكونات المناهضة للتسوية السياسية عن مسار يخدم أهداف ثورة ديسمبر المجيدة ويُحدث تغييراً جذرياً في شكل الدولة السودانية.

ويرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن الاتفاق يواجه مضطبات كثيرة من القوى الراغبة في استمرار وضع البلاد تحت وطأة الحكم العسكري خاصة النظام القديم، ورغم غياب المجتمع السوداني عن الاتفاق الا انه يجعل البلاد متماسكة، وهي خطوة اولى نحو حكومة مقبولة دولياً والناس من حولها تناقش القضايا الاخرى، وان الشارع هو الذي يتحكم في مسيرة ومستقبل الفترة المقبلة، وأي اتفاق لا يلبي احتياجات الشارع سيسقط، ولكن على العموم الاتفاق على ضوئه ستكون حكومة قادرة على ضبط الشارع والمجتمع الدولي، وعلى القوى الأخرى تنظيم نفسها للانتخابات.

التجربة العملية

بالسؤال: هل الاتفاق الاطاري من شأنه ان يدب الروح مجدداً في قوى التغيير بعد ان لفظها الشارع الثوري؟ يعود القيادي بالبعث صديق تاور مرة اخرى ويرى أن الاتفاق يمكن أن يدب الروح حال توفرت له شروط أساسية أهمها التريث والرجوع لأوسع طيف من مكونات الثورة، ليس فقط لإطلاعها على مضمونه وإنما إشراكها فعلياً فى الفكرة وأهدافها ومحتواها وأدواتها من حيث المبدأ، حتى تكون جزءاً منها وليس طرفاً مشجعاً لها.. فالشارع الثوري معروف من خلال مكوناته ومطالبه وفعله.. إضافة إلى وضوح المستهدفات منها وضماناتها بمعنى إسقاط الانقلاب ومنظومته ومترتباته.. ودون ذلك فالخطوة يمكن أن تمثل مغامرة غير محسوبة النتائج.
ولكن تاور عاد وقال: (للأسف قوى الانقلاب لا أمان لها ولا يمكن الوثوق فيها من خلال التجربة العملية ومن خلال تاريخها ومواقفها من الثورة السودانية وقواها وجماهيرها ومشروعها.. وثبت أنهم عدو لكل ذلك.. واعتبارهم طرفاً يمنحهم شرعية لا يحلمون بها، ويمنحهم فرصة لالتقاط أنفاسهم لمعاودة الغدر مرة أخرى.. ويكفي ما ظل يردده البرهان فى خطاباته شاهداً على طبيعة النوايا الحقيقية لهؤلاء).

عالم الصراعات

وبشأن الأزمة السودانية وهل المخرج الاحتواء أم الإخضاع؟ يقول الكاتب حسين اركو مناوى إن المخرج من الأزمات في حاجة ماسة إلى أفكار كبيرة، حيث انه فى عالم الصراعات اياً كان نوع الصراع لن يستمر إلى ما لا نهاية, ولا بد لاىّ صراع من نهايات، وتابع قائلاً: (النهايات لا تخرج من ثلاثة خيارات، الانتصار أو الهزيمة أو التسوية. وكلها نتائج لإعمال العقل البشرى عبر تخطيط عادة تُعرف بالتخطيط الاستراتيجي، وهنا الأفكار الكبيرة تلعب دوراً محورياً لتحديد أي من الخيارات ستصير إليها النتائج.. فمن أراد أن يبني منزلاً وهو يفكر فى مواد غير مواد بيئته ويُصّر على أن يجلب مواد من بيئة خيالية، لن يبنى ذلك المنزل ولو عاش عمر سيدنا نوح، وهذا هو تقريباً التفكير السياسي فى السودان).

اقرأ ايضاً :

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى