الخرطوم بين مطرقة إيران وسندان إسرائيل: كيف تحولت السودان إلى قاعدة متقدمة في شبكة الإرهاب الإقليمي؟
ملاذ جديد لحماس: إعادة التموضع بعد غزة

برق السودان | تقرير استقصائي
لم تعد السودان مجرد ساحة نزاع داخلي يعاني من الحرب الأهلية والانقسام السياسي. بل باتت اليوم لاعبًا خفيًا في الصراع الأكبر بين إيران وإسرائيل، حيث تتقاطع على أراضيها خيوط المصالح الاستخباراتية والعسكرية والتكتيكية. في قلب هذا التحول يقف الجنرال عبد الفتاح البرهان، الرجل الذي بات يُنظر إليه – من قبل إسرائيل والغرب – كـ”وكيل إيران” الجديد في أفريقيا.
بوابة إيران إلى أفريقيا: السودان من دولة منهكة إلى قاعدة لوجستية
تشير المعطيات الاستخباراتية التي تسربت من مصادر متعددة في المنطقة، إلى أن السودان، تحت قيادة البرهان، بات يشكل محطة استراتيجية للأنشطة الإيرانية العابرة للحدود. فالخرطوم، التي تفتقر إلى الرقابة الحكومية الفاعلة، استغلتها طهران كممر آمن لتوريد الأسلحة إلى حلفائها في المنطقة، خصوصاً حماس وحزب الله.
• بحسب تقارير غربية، تم تهريب طائرات مسيّرة إيرانية عبر السودان، وتم تدريب عناصر من الحركات الإسلامية داخل أراضيه.
• تمّ رصد وجود خبراء من “الحرس الثوري الإيراني” في مناطق بجنوب الخرطوم، يعملون في تصنيع أجزاء من مسيّرات هجومية.
• يُعتقد أن شبكة من عملاء “فيلق القدس” تعمل تحت غطاء مؤسسات إغاثية وإنسانية تموّلها طهران.
وتُضاف إلى ذلك تقارير تؤكد استخدام موانئ البحر الأحمر السودانية – خاصة ميناء سواكن – لتمرير شحنات أسلحة متجهة إلى اليمن ولبنان، وحتى غزة عبر سيناء.
ملاذ جديد لحماس: إعادة التموضع بعد غزة
عقب الضربات الإسرائيلية المكثفة ضد شبكات حماس في غزة، خصوصاً بعد عملية 7 أكتوبر، سارعت الحركة إلى نقل قياداتها وعناصرها إلى دول أقل رقابة وأكثر تساهلاً. السودان كانت الوجهة المفضّلة، بفضل علاقاته المتشابكة مع طهران، ووجود بنية تحتية أمنية رخوة.
• كشفت مصادر إسرائيلية عن خلية جديدة لحماس تم اكتشافها في الخرطوم بحري، تعمل على تأمين اتصالات بين قطاع غزة ومناطق في أفريقيا الغربية.
• تم تأكيد نقل أموال كبيرة عبر وسطاء سودانيين إلى شبكات حماس في الخارج.
• كما تشير المعلومات إلى تدريب عناصر من الحركة داخل معسكرات تتبع لكتيبة “البراء بن مالك”، التي ترتبط بعلاقات مشبوهة بإيران.
ماذا ستفعل إسرائيل؟ تحليل الاحتمالات القادمة
الخيار الأول: ضربات استباقية محددة داخل السودان
إسرائيل تملك تاريخًا في تنفيذ ضربات نوعية خارج حدودها عندما ترى تهديدًا مباشرًا. وتُشير بعض التحليلات إلى أن تل أبيب قد تُقدم على تكرار سيناريو مشابه لما فعلته عام 2009 عندما قصفت قافلة أسلحة إيرانية في شرق السودان.
• قد تستهدف إسرائيل منشآت تصنيع الطائرات المسيّرة أو مستودعات تخزين الأسلحة.
• الهجمات ستكون دقيقة وقائمة على معلومات استخباراتية عالية الجودة.
• السيناريو يواجه تحديًا كبيرًا في ظل الحرب الأهلية السودانية، مما يزيد من صعوبة جمع المعلومات والتحرك العسكري.
الخيار الثاني: عمليات استخباراتية سرية وعزل دولي
البديل العسكري الصريح قد يُستبدل بخيار أكثر هدوءًا وأقل مخاطرة: تنفيذ عمليات استخباراتية سرية مثل زرع عملاء، تعطيل الشبكات، وتسريب معلومات محرجة لإضعاف شرعية البرهان دوليًا.
• ستسعى إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة والغرب إلى عزل النظام السوداني دبلوماسيًا ومنع وصول أي دعم له.
• سيترافق ذلك مع جهود لتوثيق دعم البرهان لحماس وإيران، وتقديمه في محافل دولية كمُهدد للأمن الإقليمي.
• هذا السيناريو قد يأخذ وقتًا أطول، لكنه سيكون أكثر استدامة على المدى البعيد.
صراع خفي على أرض محروقة
السودان اليوم ليس مجرد ساحة معركة بين الجيش والدعم السريع، بل أصبح ميدانًا لصراع إقليمي خفي بين محور إيران ومعسكر إسرائيل والغرب. البرهان، الذي لا يزال يحاول تقديم نفسه كـ”حامٍ للسيادة الوطنية”، بات في نظر تل أبيب تهديدًا استراتيجيًا يجب التعامل معه عاجلاً أو آجلاً.
بين الضربات الجوية والاختراقات الاستخباراتية والعزل السياسي، تمتلك إسرائيل خيارات متعددة – لكنها تدرك أن تجاهل ما يحدث في السودان ليس إحداها.