الأخبار

الخطوط التركية… جسور جوية للموت في السودان تحت غطاء مدني

من إسطنبول إلى بورتسودان: كيف تُنقل الطائرات المسيّرة لذبح المدنيين؟

بورتسودان | برق السودان

في تطور مقلق ومثير للجدل، تخطط تركيا لبدء تسيير رحلات مباشرة من إسطنبول إلى مدينة بورتسودان خلال الشهر المقبل، في خطوة لا تبدو بريئة في سياق الحرب السودانية.

فبينما تُقدّم الرحلات بطابع مدني وسياحي، تكشف معطيات ميدانية ومعلومات استخباراتية أن الهدف الحقيقي هو نقل مهندسين وتقنيين وعناصر عسكرية تركية بلباس مدني، للمشاركة في تشغيل طائرات “بيرقدار” المسيّرة التي أصبحت أداة قتل جماعي تستهدف المدنيين في دارفور، وخاصة في مدينة الفاشر.

ما يحدث الآن هو عسكرة مقنّعة للمجال الجوي المدني حيث تُستخدم الخطوط التركية كأداة لنقل دعم عسكري مبطّن

بيرقدار: من سلاح ذكي إلى أداة للقتل العشوائي

شهدت مدينة الفاشر خلال الأسابيع الأخيرة تصعيدًا دمويًا في استخدام الطيران المسيّر، حيث استُخدمت طائرات “بيرقدار” التي حصل عليها الجيش السوداني في شن ضربات جوية على أحياء سكنية، ما أدى إلى سقوط عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال.

ورغم أن هذه الطائرات مصممة لضرب أهداف عسكرية بدقة، إلا أن استخدامها في الفاشر تجاوز كل الخطوط الحمراء، ويمثل خرقًا فاضحًا لقوانين الحرب ويضع الجيش السوداني في موقع المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

الدور التركي في الحرب: دعم مموّه تحت ستار الرحلات المدنية

تكشف تقارير موثوقة أن الرحلات التركية المرتقبة لا تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية أو السياحية، بل تُستخدم كغطاء لنقل كوادر تقنية وعسكرية تركية إلى بورتسودان، حيث توجد مراكز تشغيل الطائرات المسيّرة.

هؤلاء الأفراد، وإن ارتدوا زيًا مدنيًا، إلا أنهم يتبعون مباشرة للمؤسسة العسكرية التركية أو لشركات خاصة على علاقة وثيقة بوزارة الدفاع التركية.

بهذا، تدخل أنقرة على خط النزاع السوداني بنفس السيناريو الذي طبقته في ليبيا: إرسال مسيّرات وأسلحة ومقاتلين بلباس مدني، لتغيير موازين القوى لصالح طرف معين، بغض النظر عن الثمن الإنساني المدفوع.

تسييس الطيران المدني: خرق خطير للقانون الدولي

ما يحدث الآن هو عسكرة مقنّعة للمجال الجوي المدني، حيث تُستخدم الخطوط التركية كأداة لنقل دعم عسكري مبطّن. ويعدّ هذا انتهاكًا مباشرًا للاتفاقيات الدولية الخاصة بالطيران المدني، التي تنص بوضوح على منع استخدام الطيران التجاري لأغراض عسكرية أو استخباراتية.

هذا التحايل التركي يهدد أمن المنطقة بأسرها، إذ يجعل من المطارات والمجالات الجوية أهدافًا محتملة، ويحول الطيران المدني إلى عنصر في آلة الحرب.

نموذج ليبيا يُعاد بنسخته السودانية

ما تفعله تركيا في السودان اليوم ليس جديدًا. ففي ليبيا، دعمت أنقرة حكومة طرابلس بإرسال طائرات بيرقدار ومقاتلين سوريين عبر شركات طيران مدنية، مستخدمة “المساعدات التقنية” كذريعة. والنتيجة؟ مزيد من الدم، وتهتك سيادة الدولة، وتدويل للصراع.

التحذير اليوم هو أن السودان يسير على نفس الطريق، ولكن بثمن بشري أكبر، في ظل حرب لا تفرّق بين مقاتل ومدني.

سلاح الجو السوداني في خدمة المجازر.. لا الدولة

يُظهر الواقع أن سلاح الجو السوداني، وبدعم تركي مباشر أو غير مباشر، قد تحول إلى أداة قمع دموي عشوائي. لا قواعد اشتباك واضحة، ولا احترام للقانون الإنساني الدولي، بل ضربات موجهة إلى الأسواق والمنازل والمستشفيات، تحت غطاء “محاربة التمرد”.

إنها ليست حربًا نظامية، بل مجزرة تُدار من الجو، بمشاركة جهات خارجية لا ترى في السودان إلا ساحة لتصفية الحسابات أو اختبار الأسلحة.

آن للعالم أن يُدرك أن السودان ليس مجرد ساحة نزاع محلي، بل أصبح ضحية لتدخلات إقليمية مدمرة. وإذا لم يُوضع حد للتغوّل التركي عبر الطيران المدني، فإن القادم سيكون أكثر دموية، وأكثر خرقًا للقوانين الدولية.

ما يحدث اليوم في بورتسودان ليس مجرد رحلات جوية… بل بداية لمسار دامي يجب إيقافه فورًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى