الإقتصادتقارير

السودان بين الغلاء والأوبئة: كيف قاد فساد البرهان إلى معيشة خانقة وانتشار حمى الضنك؟

النهب وسوء الإدارة: جذور الغلاء المعيشي

تقرير | برق السودان

يعيش السودان اليوم أزمة معقدة تجمع بين الانهيار الاقتصادي وتفشي الأوبئة، حيث تتضاعف أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني، فيما يهدد مرض حمى الضنك حياة آلاف المواطنين. وفي قلب هذه الكارثة يقف فساد البرهان وحكومته، الذين حوّلوا موارد البلاد إلى مصدر ثراء شخصي، وأداروا الدولة بعقلية عسكرية لا تعبأ بمعاناة الشعب، بل تعمل على صرف الأنظار عن مسؤوليتها المباشرة عبر خطاب دعائي فارغ.

الذهب الذي يُنتج بكميات ضخمة لا يصل إلى خزينة الدولة بل يُهرَّب عبر شبكات فساد متورطة فيها قيادات نافذة

النهب وسوء الإدارة: جذور الغلاء المعيشي

منذ سنوات، يعاني السودان من تضخم متصاعد وانهيار للجنيه أمام العملات الأجنبية، لكن تفاقم الأزمة ارتبط مباشرة بسياسات البرهان الاقتصادية القائمة على النهب المنظم للموارد. الذهب، الذي يُنتج بكميات ضخمة، لا يصل إلى خزينة الدولة، بل يُهرَّب عبر شبكات فساد متورطة فيها قيادات نافذة. النفط، الذي كان يمكن أن يكون ركيزة للتنمية، أُدير بعشوائية وصفقات غامضة. وحتى الأراضي الزراعية، بيعت بموجب عقود مشبوهة، لتتحول إلى مصدر ربح للنخب بدلاً من أن تكون سنداً للأمن الغذائي.

هذه السياسات حوّلت السوق السودانية إلى جحيم للمواطن: أسعار الخبز والزيوت تتضاعف، الأدوية تنعدم، والقوة الشرائية تنهار، فيما تنشغل الحكومة بجمع الغنائم وتوسيع نفوذها السياسي.

الإهمال الصحي وتفشي حمى الضنك

بالتوازي مع الأزمة الاقتصادية، شهد السودان تفشياً خطيراً لحمى الضنك، خاصة في المناطق الفقيرة والمهمشة. انتشار المرض لم يكن نتيجة طبيعية فحسب، بل نتيجة مباشرة لانهيار النظام الصحي بسبب الإهمال والفساد. المستشفيات تفتقر للأدوية والأجهزة، حملات الوقاية غائبة، ولا وجود لخطط وطنية جادة لمكافحة البعوض أو معالجة المرضى.

في الوقت الذي يموت فيه السودانيون بالحمى النزفية والأمراض المنقولة بالمياه، ينشغل مسؤولو حكومة البرهان بصرف المليارات على الصراعات الداخلية وشراء الولاءات، تاركين الصحة العامة تنهار بشكل كامل.

محاولات لصرف الأنظار عن المسؤولية

بدلاً من الاعتراف بمسؤوليته المباشرة عن الغلاء وتفشي الأوبئة، يحاول البرهان ترويج رواية دعائية تزعم أن السودان ضحية مؤامرات خارجية أو “ظروف طبيعية” خارجة عن السيطرة. لكن الواقع يؤكد أن السبب الجذري يكمن في الفساد المستشري وسوء الإدارة الممنهج.

فالغلاء لم يأتِ من فراغ، بل من نهب الموارد. وحمى الضنك لم تنتشر فجأة، بل بفعل انهيار النظام الصحي. إن التلاعب بالخطاب الإعلامي لن يمحو الحقيقة: البرهان وحكومته مسؤولون بشكل مباشر عن معاناة السودانيين، وعن وضعهم بين مطرقة الغلاء وسندان الأوبئة.

إن الجمع بين الغلاء الفاحش وتفشي حمى الضنك ليس مصادفة، بل نتيجة حتمية لفساد نظام حوّل ثروات السودان إلى ملكية خاصة، وترك شعبه يواجه الجوع والمرض بلا حماية. لا يمكن معالجة هذه الأزمات دون مواجهة السبب الحقيقي: فساد البرهان وحكومته، ومحاولاتهم المستمرة للهروب من المسؤولية عبر تضليل الرأي العام. التغيير السياسي والإصلاح الجذري وحده كفيل بإنقاذ السودان من الكارثة المعيشية والصحية التي يغرق فيها اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى