الأخبارتقارير

الصراع داخل التنظيم: خريطة أجنحة الإسلاميين المتناحرة بعد مقتل أحمد كرتي

هل نحن أمام حرب تصفيات؟

برق السودان | تحليل خاص – وحدة التحقيقات

أعادت حادثة اغتيال أحمد كرتي، الشقيق الأصغر لعلي كرتي، بطائرة مسيّرة في أم درمان، تسليط الضوء على حالة التشظي والتناحر الداخلي التي تعصف بجماعة الإخوان المسلمين السودانية، وبقايا حزب المؤتمر الوطني المحلول. فرغم أن التنظيم نجح في التغلغل داخل مفاصل الدولة لعقود، فإن سقوط النظام البشيري كشف هشاشة البنية التنظيمية، وفتح الباب أمام صراع نفوذ عنيف بين أجنحة متعددة تختلف في الرؤية والمصالح، وإن توحّدت شكليًا خلف ستار “الحركة الإسلامية”.

المشروع الإسلامي السوداني الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، يواجه اليوم أقسى معاركه… ضد نفسه

فيما يلي قراءة تحليلية لأبرز الأجنحة المتصارعة داخل التيار الإسلامي السوداني:

1. جناح علي كرتي: “الإحياء الصلب”

القيادة: علي كرتي

الخطاب: متشدد، قائم على استعادة هيبة التنظيم ورفض أي شراكة سياسية مع المدنيين.

القوة: يعتمد على شبكات أمنية قديمة وعلاقات إقليمية يُقال إنها تمتد إلى جماعات في ليبيا وبعض تيارات السلفية الجهادية.

موقعه بعد الاغتيال: يتعرّض لضربة كبيرة، ولكن الحادث قد يتحوّل إلى ورقة تعبئة داخلية يعيد من خلالها كرتي لملمة صفوفه باسم “الاستهداف الخارجي والداخلي”.

2. جناح إبراهيم محمود – نافع علي نافع: “العودة الذكية”

القيادة: إبراهيم محمود حامد، بدعم من نافع علي نافع

الخطاب: أقل صدامية مع القوى السياسية، يسعى إلى العودة للمشهد عبر التغلغل الناعم في القوى المدنية أو عبر حوار مع الجيش.

القوة: شبكة علاقات اقتصادية داخل السودان وخارجه، وتحالفات قبلية وتجارية قديمة.

اتهامات: يُشتبه في وقوف هذا الجناح خلف عمليات تصفية “ناعمة”، كما هو الحال في اغتيال أحمد كرتي، وفق روايات من داخل التنظيم نفسه.

3. جناح الشباب – تيار “الجيل الجديد”

القيادة: شخصيات غير معروفة إعلاميًا، تظهر عبر وسائل التواصل تحت شعارات دعوية إصلاحية

الخطاب: نقدي، يعتبر الجيل القديم فاسدًا ومتسببًا في سقوط النظام

القوة: تأثير داخل الجامعات وبعض المنصات الإعلامية الإسلامية المستقلة

التحدي: غير موحد، وقد يتم احتواؤه أو سحقه بسهولة في معارك الكبار.

4. التيار المخابراتي – الإسلاميون “الرماديون”

القيادة: ضباط أمن سابقون ومسؤولون اختفوا عن الأنظار بعد 2019

الخطاب: غامض ومتحوّل، يميل إلى اللعب على كل الحبال

القوة: لا تزال لديهم شبكات معلومات ومقدرات مالية سرّية، ويتحركون بأسماء مدنية أو “ثورية” أحيانًا.

ما بعد الاغتيال: هل نحن أمام حرب تصفيات؟

تشير كل المعطيات إلى أن اغتيال أحمد كرتي لم يكن إلا أول طلقة في معركة تصفية حسابات كبرى داخل التنظيم. فالصراع لم يعد على الأفكار، بل على النفوذ، والشرعية، وربما الدعم الخارجي.

خطر المرحلة: قد نشهد تصعيدًا دمويًا داخل “البيت الإسلامي”، مع احتمال تكرار سيناريوهات “الطعن في الظهر” أو “الاغتيال السياسي” تحت غطاء الحرب.

التنظيم يتآكل من الداخل

بين جناحٍ يحلم بإعادة “التمكين”، وآخر يخطط للعودة من “الثغرات”، وآخرين يراقبون وينتظرون، يبدو أن المشروع الإسلامي السوداني الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، يواجه اليوم أقسى معاركه… ضد نفسه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى