الأخبار

المغرب والتحول إلى الاستثمار الأخضر في الفوسفاط

الخرطوم | برق السودان

شكل ترؤس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مراسيم تقديم البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد للمجمع الشريف للفوسفاط مؤشرا بارزا على الاهتمام الملكي بالطاقة الخضراء النظيفة والذي سيرتكز على الرفع من قدرات إنتاج الأسمدة، مع الالتزام بتحقيق الحياد الكربوني قبل سنة 2040، وذلك من خلال الاعتماد على الإمكانات الفريدة من الطاقة المتجددة، وعلى المنجزات والمكاسب التي حققتها المملكة في هذا المجال.

هذا التوجه الاستثماري الجديد يعبر عن إرادة المملكة المغربية الالتزام بالتوصيات العالمية لحماية البيئة، وجعل الاستثمار في الطاقات المتجددة من أولويات البلاد الكبرى لإنعاش الاقتصاد الوطني وتوفير فرص الشغل.

من جهة أخرى، يأتي هذا التوجه الاستثماري الجديد في إطار تفعيل مضامين الخطاب الملكي أمام البرلمان في أكتوبر الماضي حول الماء والاستثمار باعتبار الماء عنصرا حيويا في كل عمليات التنمية و ضروري لكل المشاريع والقطاعات الإنتاجية، لذلك سيرتكز المشروع الاستثماري الأخضر على توفير الماء الصالح للشرب وتحلية مياه البحر لمنشأت المجمع الشريف للفوسفاط والتزود بالطاقة النظيفة الخضراء.

وكعادة كل المشاريع الاستثمارية الملكية، فإن التوجه الملكي رسم خارطة طريق جديدة للمجمع الشريف للفوسفاط للريادة العالمية بالاعتماد على الطاقات المتجددة الخضراء للانخراط الفعلي في المنظومة الدولية لحماية البيئة والمناخ، وفق مقاربة تشاركية تساهم فيها كل مؤسسات الدولة المغربية لانجاح هذا المشروع الأخضر الجديد

لاشك ان المشروع الأخضر للجمع الشريف للفوسفاط سيضع ضمن أولوياته الكبرى الرفع من القدرة التنافسية للمقاولات المغربية وتوفير مناصب الشغل للشباب ودعم مشروع الجيل الأخضر في مجال التنمية الزراعية.

ولهذه الغاية، ترأس جلالة الملك، مراسم توقيع مذكرة تفاهم بشأن هذا البرنامج الاستثماري بين الحكومة ومجموعة OCP، ممثلين على التوالي بوزير الداخلية، ووزيرة الاقتصاد والمالية، ووزير التجهيز والماء، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية من جهة، والرئيس المدير العام لمجموعة OCP من جهة أخرى، حتى يتسنى لكل جهة حكومية أن تتحمل مسؤولياتها لمواكبة نجاح هذا المشروع الوطني والذي ينضاف إلى المشاريع الاستثمارية التنموية الأخرى

ومن المتوقع أن المجمع الشريف للفوسفاط الذي يعد ذراعا استثمارية للمغرب” في إفريقيا، سيصبح ممثلا في عدة دول أخرى غير افريقية، تعتمد على الطاقات المتجددة الخضراء، وبذلك فإن باستطاعة المجمع وإمكانياته الاستثمارية نقل خبرات وتجربة المغرب الأخضر في مجال الطاقات المتجددة والفلاحة إلى العديد من بلدان العالم، التي تعاني مشاكل في تطوير وتنمية القطاع الفلاحي، ونقص في مجال الطاقات وهو ما سيجعل المغرب رائدا في مجال الطاقات المتجددة والخضراء.

كما يندرج هذا المشروع الاستثماري الجديد في إطار التتبع المنتظم للملك محمد السادس للأهداف الاستراتيجية، التي حددتها المملكة في مجال تطوير الطاقات المتجددة على نطاق واسع، ولا سيما ما يتعلق برفع حصة هذه الطاقات إلى أزيد من 52 في المائة من المزيج الكهربائي الوطني في أفق 2030.

هذا ويستهدف المشروع الأخضر للمجمع الشريف للفوسفاط تسريع وتيرة تنزيل الطاقات المتجددة من أجل تعزيز السيادة الطاقية للمملكة المغربية ، وتقليص كلفة الطاقة، والتموقع في الاقتصاد الاخضر الخالي من الكربون في العقود المقبلة. ويتعلق الأمر خصوصاً بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع، التي توجد قيد التطوير، وكذا التثمين الأمثل لتنافسية المغرب من أجل استقطاب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية في هذا القطاع. وفي سياق ذلك، أمر الملك محمد السادس بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع الثلاثة للطاقة الشمسية “نور ميدلت”

من نافلة القول أن التنافسية المتصاعدة للطاقات المتجددة تفتح آفاقاً واعدة للمملكة، لا سيما في مجالات تحلية مياه البحر والقطاع الواعد للهيدروجين الأخضر واستخداماته.

وبهدف الارتقاء بالمغرب إلى نادي الدول ذات المؤهلات القوية في هذا القطاع المستقبلي، والاستجابة للمشاريع المتعددة التي يحملها المستثمرون والرواد العالميون.

في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة الموسومة بأزمة الطاقة والغذاء ستصبح الطاقات الخضراء والفوسفات “مواد استراتيجية حيوية، سيتزايد الطلب عليها لمواجهة الفجوة في الغذاء والطاقة، وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة حذر (فاو)، من أن “وفرة الأسمدة دوليا تظل جد محدودة بسبب التوترات الجيوسياسية التي يمكن أن تفرض قيودا جديدة على العرض في المدى القصير”.

هذا المعطى الجيوسياسي سيجعل من الأسمدة الوسيلة الأنجع لرفع مردودية المزارع في أفريقيا وحتى بعض البلدان المتطورة، بحيث لا تزال هذه المردودية ضعيفة، نظرا للافتقار للأسمدة، لذلك سيتزايد الطلب عليها بمثرة مستقبلا”.

وبحسب معطيات مكتب الصرف حول المبادلات التجارية، فقد بلغت مبيعات الفوسفاط ومشتقاته 100 مليار درهم في نهاية أكتوبر، بارتفاع قدره 63 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية حين حققت 61.4 مليار درهم.

ويعزو الخبراء الاقتصاديون ، هذه الأرقام القياسية في الأساس إلى الإقبال الكبير على الأسمدة خلال فترة الخروج من الجائحة، ثم العقوبات التي فرضت على الصادرات الروسية.إضافة إلى “القيود الصارمة التي وضعتها الصين على صادراتها، علما أنها مصدر رئيسي لهذه المادة، وارتفاع الطلب من جانب الهند، أحد أكبر المستوردين عالميا”.

وبذلك سيدخل المغرب منعطفا جديدا في خططه المتعلقة بترسيخ استخدام الطاقة البديلة ضمن إستراتيجيته الطموحة للتحول الأخضر لتصل هذه المرة إلى قطاع الأسمدة، الذي سيكون على أبواب تحوّل جذري في أساليب الإنتاج بما يخدم أجندة إزالة الكربون، ليؤكد هذا التوجه الاستراتيجي الجديد حرص المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس على ترسيخ كل ما له علاقة بصداقة البيئة وفق إستراتيجية التحول الأخضر بكافة القطاعات الإنتاجية بالبلاد وخاصة الفوسفات الذي يعد إحدى الركائز الأساسية لقاطرة الاقتصاد.

فالرعاية الملكية لهذا المشروع الأخضر الجديد يدل على أن هناك اهتماما أكبر بقطاع الصناعة ستجعل المغرب ليس فقط نقطة محورية على المستوى الخدماتي في المنطقة، بل ستدخله إلى نطاق الاقتصادات الصاعدة”.

إقرأ أيضاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى