دبي | برق السودان
في منتصف أبريل، وبالتحديد قبل أيام من انتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر، اندلع صراع عنيف في السودان. وأدى القتال، المتمركز في العاصمة الخرطوم، إلى تضرر المنازل والمستشفيات والمرافق الأساسية في المدينة، مما أدى إلى نزوح جماعي لسكان المدينة. وتستمر المعارك حتى الآن في صراع ينذر بحرب أهلية واسعة النطاق.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 700 ألف شخص فروا إلى الدول المجاورة، وفقد أكثر من 2800 أرواحهم بسبب الصراع المستمر.
وسط هذا الاضطراب الواسع النطاق، وجدت ثلاث نساء سودانيات، (إيمان ونورا ومنال، أنفسهن في زيارة غير متوقعة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، غير قادرات على العودة إلى ديارهن بسبب الصراع المتصاعد. كانوا قد وصلوا في البداية لأغراض السياحة والبحث عن عمل، ولكن مع بداية الحرب، تم تمديد زيارتهم القصيرة بشكل غير متوقع.
استجابة الإمارات للأزمة: مساعدة ضحايا الحرب
استجابةً للصراع، كثفت حكومة الإمارات جهودها الإنسانية، حيث قدمت مساكن في الفنادق التي ترعاها الدولة لأولئك الذين تقطعت بهم السبل بسبب النزاع، وقدمت تأشيرة خاصة لضحايا الكوارث والحرب. أدت هذه التأشيرة إلى تقنين وضع الأفراد العالقين في دولة الإمارات لمدة عام.
وقد جاء القرار في ضوء الجهود المستمرة لتعزيز موقع دولة الإمارات حاضنة لشعوب العالم، ووطناً ثانياً لكل الجنسيات ومن مختلف الأطياف، وبما يتوافق مع توجهاتها في مد يد العون للمحتاجين والضعفاء في مختلف دول العالم.
مع فتح المجال الجوي لدولة الإمارات العربية المتحدة لبورتسودان، تم توفير الطائرات لإعادة المواطنين الذين تقطعت بهم السبل إلى السودان. على الرغم من خيار العودة، اختارت هؤلاء النساء البقاء في الإمارات بسبب تدهور الأوضاع في الخرطوم.
مع بدء الصراع، شاءت الظروف أن تكون 3 سودانيات، من العاصمة الخرطوم، في زيارة إلى الإمارات سواء بغرض السياحة أو البحث عن عمل، ولكن مع تطور الأحداث صرن غير قادرات على العودة مجدداً بسبب الأوضاع المزرية في بلادهن.
جاءت إيمان، وهي امرأة تبلغ من العمر 33 عامًا، إلى الإمارات لقضاء شهر رمضان مع والدتها وشقيقها المصاب بالتوحد. نورا، 45 عامًا، موظفة في المكتبة الخاصة بهيئة الطاقة الذرية السودانية، كانت تزور الإمارات بشكل متكرر، وغالبًا ما تأتي لشراء سلع لإعادة بيعها في الوطن لتكملة راتبها. وصلت منال، موظفة جامعية تبلغ من العمر 42 عامًا ومعلمة في مدرسة خاصة، إلى الإمارات بحثًا عن فرص عمل.
إقامة عظيمة
كانت دولة الإمارات قد أعلنت في 18 مايو عن وظائف شاغرة مخصصة للمواطنين السودانيين الذين يواجهون هذه التحديات، أظهر التزامها بتقديم الدعم والمساعدة للعالقين من الرعايا السودانيين الذين تقطعت بهم السبل داخل حدودها بسبب الحرب المستمرة في السودان. في محاولة لتخفيف أوضاعهم وتحسين سبل عيشهم.
قالت إحداى السيدات (إيمان) وعمرها 33 عاماً، إنها وجدت تعاملاً رائعا منذ وصولها إلى الإمارات، لكن مشكلتها تكمن في أنها غير قادرة على العودة لأنها تسكن في الخرطوم “لا نستطيع العودة فكل شيء دُمر، هنا ممكن أجد شغل (وظيفة) لكن لا يوجد في السودان”.
أضافت أنها وصلت الإمارات قبل اندلاع الحرب بأيام وبالتحديد لقضاء شهر رمضان مع والدتها وأخيها المصاب بالتوحد، ولكن مع اندلاع الحرب صارت الأسرة في موقف لا تحسد عليه، حتى جاء قرار الإمارات برعاية العالقين جراء الحرب السودانية، وتم تسكينهم في فندق ورعايتهم معنويًا وطبيًا.
السيدة الأخرى (نورا)، تبلغ من العمر 45 عاماً، قالت إنها تعمل موظفة في المكتبة الخاصة بهيئة الطاقة الذرية في السودان، قالت إنه مع اندلاع الحرب في السودان كانت في ضيافة النادي السوداني في عجمان لمدة يومين، قبل أن تتحرك نحو فنادق الاستضافة المخصصة للعالقين.
قالت إنها معتادة على القدوم إلى الإمارات 3 مرات سنويًا خلال عيدي الأضحى والفطر ونهاية العام مع الخصومات الكبيرة في المراكز التجارية، حيث تقوم بشراء ملابس وعطور وغيرها من البضائع وتقوم ببيعها في الخرطوم لدى عودتها، لزيادة راتبها الضعيف.
وأضافت في حديثها أنه خلال إقامتها في الفندق كان الأطباء يجرون الفحوصات والتحاليل وكان لديها مشكلة في أحد أطرافها وأسنانها، وتلقت العلاج اللازم “كانت هناك سيارة تقلّني من الفندق للعلاج وتعيدني”.
وأوضحت: “لا لوم على الإطلاق (على الإمارات) لكننا في وضع لا نحسد عليه، كأننا في منتصف طريق”، في إشارة إلى عدم القدرة على العودة إلى الخرطوم ولا البقاء بسبب المال وعدم العثور على وظيفة.
السيدة الثالثة (منال)، عمرها 42 سنة، أوضحت أنها تعمل في جامعة الخرطوم ومدرسة خاصة هناك حيث تقوم بتدريس علوم الكمبيوتر، وفدت إلى الإمارات قبل أيام من اندلاع الحرب وبالتحديد يوم 12 رمضان (3 أبريل)، وكانت تبحث عن وظيفة بشكل أساسي.
مع اندلاع الحرب خاضت تجربة فندق العالقين، وقالت إن الوضع سيئ جداً في السودان “أعيش في شرق النيل بالخرطوم، وأهلي هناك ووالدي مريض ولم يتمكنوا من الخروج من الخرطوم لأنه لا يمكنه الحركة”.
وقالت إنها متزوجة ويعيش زوجها في نفس المنزل مع والدها، موضحة “هناك قصف في المساء والصباح، لم أتواصل معهم منذ يومين بسبب سوء شبكة الهاتف”.
مع قرارهن بالخروج من الفندق والبحث عن عمل وعدم العودة إلى السودان، أوضحن السيدات أن كل شخص حصل على ألف درهم إماراتي (272 دولار) مع مغادرة فندق العالقين، ومنذ حينها بدأن رحلة البحث عن عمل.
أوضحت أنهم كانوا نحو 150 عالقًا في الفندق، وبالفعل عاد بعضهم إلى السودان في الرحلات المخصصة للعودة، فيما تمكن آخرون من العثور على وظيفة.