الوجود التركي في البلاد.. تساؤلات حول إمكانية إستمراره حتى بعد إنتخاب نظام جديد في الصومال
قوات (هرمعد وغورغور) تتلقى الأوامر والتعليمات من القيادة العسكرية التركية في قاعدة تركصوم، كما تنفذ بعض العمليات العسكرية والأمنية المسيسة والمستهدفة لبعض ساسة الصومال
مقديشو | برق السودان
قتل ما لا يقل عن 15 شخصاً في مواجهات دارت بمدينة بلد حاوة عشية 25 يناير 2021م، بين قوات الدراويش التابعة لولاية جوبالاند وقوات غورغور الحكومية التي تتلقى التسليح والتدريبات العسكرية من تركيا.
تظهر هذه الخطوة مدى إنخراط تركيا في حرب داخلية صومالية، تحاول الحكومة الفيدرالية تصويرها على أنها حرب بين دولتين مجاورتين هما كينيا والصومال.
يعود الوجود التركي في الصومال إلى عام 2010م، عندما قدّمت تركيا مساعدات إنسانية إلى الصومال إثر موجة جفاف أودت بحياة أكثر من ربع مليون صومالي، غير أن المنظمات وهيئات الإغاثة التركية التي وفرت الدعم الإنساني للشعب، حل محلها بعد إنتهاء فترة الجفاف شركات تركية عملاقة تحكمت في إدارة الميناء الرئيسي بمقديشو ومطار آدم عدي الدولي في العاصمة مقديشو، إلى جانب إدارة مؤسسات ومراكز صحية وتعليمية في طول البلاد وعرضها!.
كان التأثير التركي على الأوضاع الصومالية خلال العقد السابق يقتصر فقط على المجالات الإنسانية والإستثمارية، إلاّ أنه ظهر في الآونة الأخيرة بأن تركيا تسعى إلى تنفيذ خطة قطرية تهدف إلى إقامة نظام إداري مستبد في الصومال موال للمحور التركي القطري.
- تدرّب القاعدة العسكرية التركية في مقديشو (تركصوم) نوعين من القوات الصومالية ذات التدريبات العالية وهما: (هرمعد وغورغور) فالنوع الأول يتولى مهام الشرطة العسكرية، والنوغ الثاني يمثل جزءاً من القوات المسلحة الصومالية، لكن اللافت للنظر هو أن جميع هذه القوات تتلقى الأوامر والتعليمات من القيادة العسكرية التركية في قاعدة تركصوم، كما أنها تنفذ بعض العمليات العسكرية والأمنية المسيسة والمستهدفة لبعض ساسة الصومال.
هرمعد
قوات شرطة تتراوح أعدادها ما بين 900 ــ 1000 جندي، يتم تدريبهم في قاعدة تركصوم بمقديشو، ومن ثم يتم نقلهم إلى تركيا لتلقي المزيد من التدريبات. يتلقون الأسلحة والذخائر من تركيا التي ما زالت ترعاهم حتى الآن. وعلى الرغم من كونهم قوات شرطة إلاّ أنهم يتلقون الأوامر مباشرة من الرئيس فرماجو!
وفقاً لما نشرته وكالة رويتيرز للأنباء في ديسمبر الماضي 2020م، فإن تركيا تعتزم تسليح قوات هرمعد التابعة للشرطة الصومالية بمنحها 1000 من البنادق الرشاشة، إلى جانب 150,000 من الرصاص، مما دفع مجلس إتحاد المرشحين على أن يبعث في 16 ديسمبر2020م، برسالة أدإحتجاج إلى السفارة التركية لدى الصومال يطالب فيها بتأجيل تركيا خطّتها للتسليح حيثما ينتهي موسم إنتخابات 2021م، وذلك مخافة أن يتم إستخدام هذه الأسلحة في غير وجهها الصحيح.
وتشكل قوات هرمعد البوليسية جزءاً من النزاع السياسي بشأن الإنتخابات، حيث قامت هذه القوات في أوقات سابقة بإغلاق الطرق المؤدية والقادمة من مقار بعض المرشحين الرئاسيين حسبما أفاد بذلك أعضاء في مجلس اتحاد المرشحين.
غورغور
قوات عسكرية خاصة تلقت تدريبات عالية في القاعدة التركية بمقديشو (تركصوم)، يتراوح عددهم ما بين 4500 إلى 5000 عسكري، يتلقون الأسلحة والذخائر من تركيا وإلى جانب تلقيهم الأوامر مباشرة من الرئيس فرماجو، فإنهم يأتمرون أيضاً بأوامر الضباط الأتراك في قاعدة تركصوم بمقديشو، وتتمركز هذه القوات في كل من: مقديشو، طوسمريب، وبلد حاوة، بينما تعتبر قاعدة تركصوم في مقديشو قاعدتهم الرئيسية والكبرى في البلاد.
تمثل كتيبة غورغور العسكرية جزءاً من الصراع السياسي حول الإنتخابات القادمة، إذ إن الحكومة الفيدرالية نقلت وحدات من هذه الكتيبة إلى محافظة غيذو لتخوض حرباً ضد قوات إدارة ولاية جوبالاند ومن ثم إخراجها من أجزاء واسعة من المحافظة والسيطرة على مواقع قوات جوبالاند في المحافظة.
كما أن الحكومة الفيدرالية نقلت في أوائل ديسمبر 2020م، مئات من قوات غورغور على متن 3 طائرات إلى مدينة طوسمريب حاضرة ولاية غلمذغ لأسباب تتعلق بالإنتخابات القادمة، كما صرّح بذلك بعض وزراء الولاية.
تبدو كلّ هذه الإجراءات إيذاناً بإنتهاء السياسة الوسطية التي إنتهجتها تركيا خلال السنوات الـ 10 الماضية في تعاملها مع الأطراف الصومالية، مما مكّنها من العمل والتنسيق مع 3 أنظمة إدارية متعاقبة على حكم الصومال خلال هذه السنوات. غير أن متابعين يتساءلون مدى إمكانية مواصلة تركيا نشاطاتها في الصومال في حال فشل عودة النظام الحالي إلى الحكم، وذلك بسبب تورّط الأتراك في قضايا داخلية شائكة مثل مواجهات طوسمريب وغيذو وقمع المتظاهرين السلميين في مقديشو!.