صراع كازقيل: تجاهل للقوة المشتركة واتّهامات متبادلة تُهدد التحالف الميداني ضد الدعم السريع
تجاهل متعمد في الانتصار… واتهام جاهز عند الانكسار

الأبيض | برق السودان
في ظل استمرار المعارك الدامية في إقليم كردفان، تكشّفت خلافات خطيرة بين مكونات التحالف العسكري المناهض لقوات الدعم السريع، بعد معركة كازقيل الأخيرة.
فقد أظهرت الوقائع تجاهلاً متعمداً لدور القوة المشتركة من حركات الكفاح المسلح، أعقبه اتهام مباشر لها بالتسبب في الكارثة عبر ما سُمِّي مجدداً بـ”فتح الصندوق”، وهي التهمة التي اعتاد إعلام التيار الإسلامي إطلاقها عند كل انتكاسة.
وبينما التزمت القوة المشتركة بمواقفها الرسمية وأصدرت بياناً حاسماً تنفي فيه الاتهامات، تصاعدت المؤشرات على وجود حملة منظمة تهدف لتشويهها وإقصائها من المشهد، في وقتٍ يُخشى فيه أن تتحول التصدعات السياسية إلى انشقاقات ميدانية تعمّق من مأساة الحرب في السودان.
وُجّهت الاتهامات المعتادة للقوة المشتركة بـ”فتح الصندوق” في إشارة إلى تآمر مزعوم أدى إلى كشف مواقع القوات ما أسفر عن مذبحة وصدمة في الصفوف
تجاهل متعمد في الانتصار… واتهام جاهز عند الانكسار
دخلت القوات المشتركة، إلى جانب الجيش وكتائب “البراء بن مالك”، في معركة كازقيل التي وصفها البعض بأنها “نقطة تحول ميدانية”. غير أن الإعلام المحسوب على الجيش والتيار الإسلامي تجاهل عمداً الإشارة إلى مشاركة القوة المشتركة، واكتفى بالاحتفاء بـ”بطولات الجيش والكتائب الإسلامية”.
لكن بعد ساعات من تَكشُّف حجم الخسائر، والانتشار الواسع لمقاطع تُظهر وقوع القوات في كمين محكم، انقلب الخطاب رأساً على عقب. حيث وُجّهت الاتهامات المعتادة للقوة المشتركة بـ”فتح الصندوق”، في إشارة إلى تآمر مزعوم أدى إلى كشف مواقع القوات، ما أسفر عن مذبحة وصدمة في الصفوف.
هذه الاتهامات لم تكن جديدة، بل تعيد إنتاج سردية متكررة تستخدمها أطراف في الجيش و”الكتائب الكيزانية” كلما تعثرت العمليات، متجاهلين المعطيات الميدانية والتحالفات القائمة.
بيان القوة المشتركة… تحذير مبطن ورسالة قوية
ردّت قيادة القوة المشتركة ببيان رسمي فندت فيه ما وصفته بـ”البيان المفبرك” المنسوب إليها بشأن الانسحاب من محور كازقيل. البيان الذي وقعه العقيد أحمد حسين مصطفى، شدد على أن القوات المشتركة باقية في مواقعها، وتؤدي مهامها بكل التزام، وأن أي مزاعم بشأن انسحابها هي محاولة خبيثة لزرع الفتنة بين المكونات المتحالفة.
قراءة في خلفية الأزمة:
• من الواضح أن هناك أطرافاً داخل الجيش وكتائب البراء ترى في القوة المشتركة تهديداً سياسياً مستقبلياً، وليس فقط شريكاً ميدانياً.
• التصعيد الإعلامي قد يكون تمهيداً لمحاولة إقصاء القوة المشتركة من أي ترتيبات لاحقة، سواء كانت سياسية أو عسكرية.
• استمرار هذه الخلافات يُنذر بانهيار الجبهة المناهضة لقوات الدعم السريع من الداخل، خاصة إذا تراكمت حالات التهميش والتشهير.
الذي حدث في كازقيل ليس مجرد “سوء تنسيق” أو “إشاعة مفبركة”، بل مؤشّر خطير على تصدع داخلي بين شركاء السلاح. وإذا استمر تجاهل القوة المشتركة واتهامها بشكل ممنهج، فإن المعركة ضد قوات الدعم السريع ستتحول إلى معركة داخلية لا تبقي ولا تذر.
الاتهامات الأخيرة واضحة: «فتح الصندوق» قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه الجميع.