صرخة أبطال الكرامة في القاهرة: مصابو الجيش السوداني يواجهون الإهمال
فساد السفارة بالقاهرة.. الأبطال دون علاج منذ ستة أشهر
القاهرة | برق السودان
تتواصل فصول معاناة مؤلمة يعيشها عشرات من جنود الجيش السوداني المصابين في معركة الكرامة، الذين تم نقلهم إلى القاهرة للعلاج منذ أكثر من ستة أشهر، إلا أنهم – وفق شهادات موثقة ومقاطع مصورة – تُركوا لمصير مجهول دون علاج أو دعم طبي أو إنساني.
الفيديو المتداول على منصات التواصل الاجتماعي كشف وجوهًا أنهكها الألم، وجنودًا بملابس مدنية يجلسون على أسِرّة متهالكة في غرف ضيقة، يتحدثون عن “خذلان” من قيادتهم التي أرسلتهم للعلاج ثم تركتهم دون متابعة. وقال أحد المصابين:
“كنا في الخطوط الأمامية نقاتل، أُصبنا بشرف، وعدونا بالعلاج والرعاية، لكننا اليوم منسيون.. لا دواء، لا مراجعة، ولا حتى مسؤول يسأل عنا.”
تزايدت الاتهامات الموجهة إلى السفارة السودانية بالقاهرة بعد أن كشفت تقارير عن اختفاء مخصصات مالية أُرسلت لتغطية تكاليف علاج المصابين
إهمال الجيش وسوء إدارة ملف المصابين
تشير مصادر عسكرية سابقة تحدثت لـ«برق السودان» إلى أن لجنة مصابي معركة الكرامة التابعة للجيش السوداني هي الجهة المسؤولة عن متابعة ملفات العلاج، لكنها فشلت في أداء مهامها بسبب الفساد الإداري وضعف التنسيق مع السلطات المصرية والمستشفيات المتعاقدة.
وقال مصدر مطّلع كان على صلة بملف المصابين:
“اللجنة لم ترسل الميزانيات المقررة للعلاج في وقتها، وتم تأجيل صرف المستحقات الطبية أكثر من مرة، مما دفع المستشفيات إلى إيقاف بعض الحالات.”
وأكد المصدر أن أكثر من 40 مصابًا يعانون من جروح مزمنة، وبتر في الأطراف، وتشوهات تحتاج إلى عمليات عاجلة، إلا أن معظمهم لم يتلق سوى “مسكنات بسيطة ومتابعة شكلية”.
في المقابل، يعيش الجنود على مساعدات يقدمها أفراد من الجالية السودانية بالقاهرة وبعض الناشطين المدنيين الذين نظموا حملات تبرع محدودة لتوفير الأدوية والمستلزمات.
وقال أحد الناشطين من الجالية لـ«برق السودان»:
“الجنود هؤلاء أبطال.. قاتلوا وضحوا من أجل بلدهم، لكنهم الآن يعانون من الجوع والمرض والإهمال.. لا يملكون حتى ثمن الدواء. هذا عار على كل من يتحدث باسم الدولة.”
فساد السفارة السودانية بالقاهرة ومطالبات بالمحاسبة
تزايدت الاتهامات الموجهة إلى السفارة السودانية بالقاهرة بعد أن كشفت تقارير غير رسمية عن اختفاء مخصصات مالية أُرسلت لتغطية تكاليف علاج المصابين. ووفقًا لمصدر في وزارة الدفاع السودانية، فإن السفارة تسلمت في وقت سابق دفعات مالية بالدولار لدعم المصابين، لكنها لم تصرفها بالكامل على العلاج، بل “تم توجيهها لأغراض غير معروفة”.
وقال أحد المصابين في التسجيل المصور:
“نذهب للسفارة ولا أحد يقابلنا، يقولون لنا تعالوا بعد أسبوع، وبعدها لا شيء يتغير. نُعامل وكأننا لسنا من هذا الجيش.”
من جانبها، طالبت منظمات حقوقية سودانية ومصرية بفتح تحقيق عاجل وشفاف حول إدارة ملف مصابي معركة الكرامة، ومراجعة أداء لجنة المصابين والسفارة السودانية، ومحاسبة كل من تسبب في حرمان الجرحى من حقوقهم الإنسانية والطبية.
وقالت الطبيبة المصرية د. مروة عبدالسلام، وهي إحدى المتطوعات لعلاج بعض المصابين:
“هؤلاء الجنود يحتاجون إلى تدخل جراحي فوري، وبعضهم في خطر حقيقي. لا يمكن أن يبقوا بهذا الوضع، فالإهمال الطويل قد يؤدي إلى إعاقات دائمة.”
مطالب بالعدالة وردّ الكرامة للمقاتلين
وسط هذا الإهمال، تتعالى الأصوات داخل الأوساط العسكرية والمدنية السودانية للمطالبة بإعادة النظر في منظومة رعاية الجرحى والمصابين، وإعادة ترتيب إدارة ملف “معركة الكرامة” بما يضمن الكرامة والعدالة لمن ضحوا بأجسادهم في سبيل الوطن.
ويقول الناشط الحقوقي محمد النور في ختام حديثه:
“كرامة الجندي هي كرامة الدولة. إذا تركنا الجرحى بلا علاج، فنحن نقتل فيهم الأمل والانتماء. يجب محاسبة كل من خان الأمانة.”




