علاء عبد الفتاح ورحلته من برمجة الكمبيوتر إلى “أشهر سجناء” مصر
القاهرة | برق السودان
يبدو أن قضية الناشط السياسي المصري المسجون علاء عبد الفتاح قد خطفت الأضواء في مؤتمر المناخ “كوب 27” المنعقد حاليا في مدينة شرم الشيخ المصرية، ليس فقط محليا ولكن على الصعيد الدولي أيضا.
فقد طالبت أسرة عبد الفتاح، الذي يحمل أيضا الجنسية البريطانية، بأن تقدم السلطات المصرية دليلا على أنه لا يزال على قيد الحياة، إذ لم تتمكن من التواصل معه بعد أن صعد إضرابه المستمر عن الطعام منذ 7 شهور بالتوقف عن شرب الماء منذ يوم الأحد الماضي بالتزامن مع انطلاق قمة المناخ، وسط شائعات بأن سلطات السجن تخضعه للتغذية القسرية.
وعلى مدى الأيام الماضية ومن خلال استضافة مصر “قمة المناخ كوب 27″، تصاعدت الضغوط الدولية على مصر لإطلاق سراح عبد الفتاح، لا سيما مع وصول شقيقته الصغرى سناء سيف إلى مقر انعقاد القمة لتسليط الضوء على قضيته.
ومن بين الشخصيات الدولية التي طالبت بالإفراج عنه المستشار الألماني أولاف شولز ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك.
ولد علاء عبد الفتاح في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1981 في أسرة من الحقوقين.
والده هو المحامي والحقوقي والناشط اليساري البارز أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد الذي اعتقل أكثر من مرة في عهد الرئيسين المصرين السابقين أنور السادات وحسني مبارك، ووالدته هي أستاذة الرياضيات بجامعة القاهرة والناشطة السياسية في مجال المجتمع المدني ليلى سويف.
لعلاء عبد الفتاح شقيقتان هما منى وسناء سيف الدين، وهما ناشطتان حقوقيتان بارزتان، ومن أكبر الداعمين لشقيقهما، إذ تعكفان على حشد الجهود لإلقاء الضوء على قضيته وإطلاع المجتمع الدولي عليها. وقد سجنت سناء مرتين: الأولى في عام 2014 ثم إطلق سراحها ضمن عفو رئاسي، والثانية في 2020 لمدة سنة ونصف بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.
ويعد علاء عبد الفتاح أحد أبرز المدونين والنشطاء المصريين في الفترة التي أعقبت عام 2005، وكمتخصص في مجال برمجة المعلومات، شارك الناشط المصري في إدارة العديد من المنصات التي تنادي بحرية التعبير وفتح المجال العام.
وعبد الفتاح من مؤيدي توفير وسائل التقنيات الرقمية التي تمكن الجميع من الحديث بحرية وتوفر لهم الخصوصية. وقد أسهم في تطوير منصات رقمية توفر سعة تخزين مجانية – فضلا عن المشورة – لأصحاب المدونات.
أيقونة للحركة الديمقراطية والثورة
أعتقل عبد الفتاح للمرة الأولى عام 2006 مع عدد من الأشخاص كانوا مشاركين في احتجاجات تطالب باستقلالية القضاء، وأطلق سراحه بعد 45 يوما. انطلق في ذلك الوقت موقع إلكتروني يطالب بإطلاق سراحه تحول فيما بعد إلى وسم (هاشتاغ) # FreeAlaa على موقع تويتر.
تجربة الاعتقال الأولى لعبد الفتاح لم تثنه عن مواصلة نشاطه. ففي عام 2011، أصبح أحد أشهر وجوه الحركة الديمقراطية، حيث طور منصات على الإنترنت تمكن المواطنين المصريين من المشاركة في صياغة الدستور. كما فتحت تغريداته على موقع تويتر الباب أمام العديد من النقاشات حول قضايا كالدين والإصلاح السياسي.
وبرز دوره في ثورة 25 يناير، فرغم عدم وجوده في مصر لحظة اندلاع المظاهرات، إلا أنه شارك في الاحتجاجات التالية التي أفضت إلى الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
شارك عبد الفتاح في تنظيم المظاهرات المعارضة إبان حكم المجلس العسكري للقوات المسلحة، وحبس في أعقاب ما عرف بأحداث ماسبيرو في أواخر أكتوبر/تشرين الأول عام 2011 بسبب تغطيته للاشتباكات بين المتظاهريين المسيحيين وقوات الأمن، حيث اتهمته النيابة العسكرية بالتحريض ضد الجيش وتكدير الأمن والسلم العامين.
طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالإفراج عنه، وقد أطلق سراحه في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته.
ما بعد الثورة
ألقي القبض على عبد الفتاح مجددا في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 عام مع آخرين لدى مشاركته في مظاهرة أمام البرلمان ضد قانون التظاهر ومسودة الدستور الذي استفتي عليه في مطلع عام 2014. ووجهت لعلاء تهمة “التظاهر بدون تصريح” من السلطات الأمنية.
وحكم على علاء عبد الفتاح بالسجن لمدة خمس سنوات من قبل محكمة الجنايات في هذه القضية التي عرفت فيما بعد بـ”أحداث مجلس الشورى”، وأيدت محكمة النقض المصرية الحكم في عام 2017 .
وتعد فترة السجن هذه هي الأطول في تاريخه، وتوفي خلالها والده وسمحت له السلطات بالخروج استثنائيا لتشييعه.
أفرج عنه في مارس/آذار عام 2019 بعد انقضاء مدة عقوبته، ولكنه اعتقل مجددا في سبتمبر/أيلول من نفسه العام، وظل مودعا في السجن إلى أن تجاوز الحد القانوني الأقصى للحبس الاحتياطي، ثم أصدرت محكمة مصرية في ديسمبر/كانون الأول من عام 2021 حكما بسجنه خمسة أعوام بعد إدانته بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.
وبدأ الناشط المصري إضرابا عن الطعام في أبريل/نيسان الماضي احتجاجا على رفض السلطات المصرية السماح للقنصلية البريطانية بزيارته.
وقد شدد عبد الفتاح من إضرابه في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بالتزامن مع بدء قمة المناخ في مدينة شرم الشيخ، حيث توقف كذلك عن شرب المياه.
وكان مسؤول أمريكي رفيع المستوى قد أعرب عن قلق البيت الأبيض حيال “التقارير الواردة عن حالة علاء عبد الفتاح الصحية”، مضيفا أن إدارة الرئيس جو بايدن أثارت “المخاوف بشكل متكرر مع الحكومة المصرية حول قضيته وظروفه في السجن”.
اقرأ ايضاً :