غارديان: هل هذه عدالة؟.. لماذا يدفع السودان فاتورة بمليارات الدولارات لأحداث 11 سبتمبر؟
بريطانيا | برق السودان
ما زالت عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 تسعى للحصول على تعويضات من الأشخاص والجهات التي ترى أن لها يدا من قريب أو بعيد في تلك الهجمات، لكن هل السودان -الذي دمرته العقوبات الأميركية على مدى سنوات- هو الهدف الصحيح لتلك التعويضات؟
في تقرير مطول نشرته صحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية العام الماضي وأعادت نشره أمس الأحد بمناسبة الذكرى الـ21 للهجمات التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاغون تشير الصحيفة إلى أن الدعوى التي رفعها أكثر من 500 أميركي ممن فقدوا أقاربهم في تلك الأحداث تضمنت قائمة ببنوك ومؤسسات إسلامية وشخصيات يدعي أصحاب الدعوى أنها داعمة للإرهاب، إضافة إلى حكومة السودان.
وتعلق غارديان بأن إدراج السودان في قائمة الجهات المتهمة بالضلوع في الهجمات الدامية التي حدثت قبل عقدين من الزمن يعد أمرا غريبا، إذ لم يكن بين منفذي الهجمات الـ19 سوداني واحد.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من أن أغلبية المدرجين في قائمة الاتهام هم مؤسسات وأفراد سعوديون فإن السودان كان الدولة الوحيدة ذات السيادة المتهمة بتمويل هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
أين العدالة؟
ويطالب أهالي ضحايا الهجمات -الذين أسسوا رابطة أطلقوا عليها اسم “اتحاد عائلات ضحايا 11 سبتمبر لإفلاس الإرهاب”- بتعويضات تبلغ تريليون دولار، ويسعون للحصول على 4 مليارات دولار منها من السودان وفق مصادر مطلعة على المحادثات بين الحكومة الأميركية وعائلات الضحايا.
ووفق للدعوى، فإن السودان يتحمل المسؤولية عن الهجمات، لأن حكومته استضافت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بين عامي 1991 و1996، ويجادل المدعون بأنه لولا الدعم الذي تلقاه بن لادن في السودان لما كان قادرا على حشد الموارد والإمكانيات اللوجستية لتنفيذ هجمات على أهداف في الولايات المتحدة.
ويشير تقرير غارديان إلى أن السودان شهد منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 تغييرات عميقة، فعندما رفعت الدعوى في عام 2002 كان البلد يعاني الفقر ومشاكل اقتصادية كثيرة بسبب فساد الحكومات التي تعاقبت على السلطة والحروب، إضافة إلى العقوبات القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة عليه وألحقت ضررا بالغا باقتصاده.
وفي عام 1993 صنفت الولايات المتحدة السودان دولة راعية للإرهاب، وأضافت اسمه إلى قائمة البلدان التي تعتبرها “دولا مارقة”، وهي إيران والعراق وكوبا وليبيا وكوريا الشمالية وسوريا.
وقد أدى هذا التصنيف إلى تقييد المساعدات الاقتصادية والاستثمارات والتجارة، ومنع الحصول على القروض من مؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الدولي، كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية أخرى على الحكومة السودانية في عام 1997، لمعاقبتها على انتهاك حقوق الإنسان ودعم الإرهاب.
وأشار تقرير غارديان إلى أن إدراج السودان في قائمة الدول الداعمة للإرهاب نجم عنه تجريد البلد من الحصانة السيادية في الولايات المتحدة، مما يعني إمكانية مقاضاته في المحاكم الأميركية على خلفية الهجمات الإرهابية ضد المواطنين الأميركيين.
وعندما تم رفع اسم السودان لاحقا من قائمة الدول الداعمة للإرهاب استعاد البلد حصانته مع استثناء واحد هو الدعوى المرفوعة ضده من قبل أهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وتخلص غارديان إلى أن ما سبق يعني أن السودان يجد نفسه الآن بعد الدمار الاقتصادي الذي سببته نحو 3 عقود من العقوبات الأميركية يواجه دعوى قضائية لدفع تعويضات بمليارات الدولارات لعائلات ضحايا الهجمات التي لا علاقة له بها.