قطار( التسوية).. هل توقفه (الحصانات)؟
الخرطوم | برق السودان
تضاربت الأخبار حول مسألة منح الحصانات للعسكر في التسوية المرتقبة بين المدنيين والعسكريين، ففيما اكدت بعض المواقع الاجنبية الامر، سارع ائتلاف قوى الحرية والتغيير بالنفي، جازماً بأن قضية العدالة من أهم قضايا التحول المدني الديمقراطي، وما بين النفي والتأكيد يتهامس البعض عن اتفاق يتم داخل الغرف المغلقة بشأن منح الحصانات للعسكر ضد المحاكمات، مما يجعل الاسئلة تتبادر هل سيفلح العسكر في فرض مطلبهم لإنهاء الازمة السياسية، ام انها ستكون معضلة امام التسوية التي مازالت تواجه كثيراً من العثرات وتتسبب في تعطيلها؟
حملات ممنهجة
وفي آخر المستجدات أكد المتحدث باسم الحرية والتغيير المجلس المركزي شريف محمد عثمان أن الائتلاف يعتبر قضية العدالة من أهم قضايا التحول المدني الديمقراطي، نافياً ما تم تداوله بخصوص التوصل لتفاهم بين المدنيين والعسكريين يفضي لعدم ملاحقة كبار ضباط الجيش قانونياً، وقال: (غير صحيح ما يتم تداوله بخصوص توصلنا لتفاهم ينص على عدم ملاحقة كبار ضباط الجيش).
وأكد أن الحديث عن أن (قحت) قدمت حصانات للعسكر أمر غير صحيح، وأضاف قائلاً: (الحديث يندرج في إطار الحملات الممنهجة التي تعمل على مواجهة الحرية والتغيير وإعاقة الحل السياسي بالبلاد). وأوضح أن الحرية والتغيير تعمل الآن على صياغة بيان رافض لذلك، وأبان أن الآلية الثلاثية قد تسلمت ملاحظات العسكر الا أنها لم تطلعهم على تلك الملاحظات حتى الآن.
لا تمثل عائقاً
ومن جانبه قال المحلل السياسي البروفيسور صلاح الدومة: (اذا عرف الناس شكل الحصانة بامكانهم ان يعلموا اذا كانت هناك تسوية ام لا)، وأوضح ان الحصانة تعمل على تقسيم الجرائم لثلاثة انواع، الاولى جريمة غير معروف الشخص الذي ارتكبها والجهة الشاكية، وفي هذه الحالة سوف تسقط الجريمة، اما الثانية فهي حق عام للدولة وهذه تسقط ايضاً، ولكن الجريمة الثالثة يكون الشخص الذي ارتكبها معروفاً وهناك ادلة وبراهين وشاكٍ للجريمة، وهذا الجريمة التي لا تسقط، وقال الدومة في حديثه لـ (الإنتباهة): (اذا وضح هذا الامر وحدده الناس، بمعنى ان هناك إعفاءً لاشياء محددة وهي جرائم الحق العام فقط او المجهولة، ولكن اية جريمة فيها دليل وهي حق خاص لا يستطيع احد ان يتنازل عنها، ولا يوجد إعفاء مطلق او ادانة مطلقة بعدها من السهل اتخاذ القرار اذا كان بالموافقة او الرفض)، وتوقع الا يُواجه الامر بالرفض، والا يكون عائقاً امام التسوية، بشرط اذا كانت بهذه الطريقة، لجهة ان العسكر ليس لديهم خيار آخر غير الاستسلام وليس لديهم شيء يستندون اليه، والا سيكون هناك انفجار.
حصانة باطلة
الا ان الخبير في القانون الدستوري مجدي سرحان، اشار الى ان عدم وجود دستور للبلاد امر غير جيد، والوثيقة الدستورية ليست دستورية، وان الدستور لديه طريقة ووضع معين ويمر بمراحل محددة، وقال لـ (الإنتباهة): (من الذي فوض الحرية والتغيير حتى تتحدث باسم الشعب السوداني وهي اصلاً منقسمة)، مؤكداً انه لا يوجد تفويض لامر البلاد لهم، وتابع قائلاً: (السؤال الاهم من الذي يطرح التسوية؟ وهل الحرية والتغيير من حقها ان تمنح الجنرالات الحصانة لانه في حال اتت اية حكومة جديدة لن يتم وضع اعتبار للحصانات)، لافتاً الى ان الحصانات الموجودة حصانات اجرائية فقط، واضاف قائلاً: (اذا كانت الحصانات تمنح لكانت منحت لجنرالات الجيش الذين يقبعون داخل السجون، ولا يوجد حق لمنح الحصانة، واية حصانة تمنح مقابل التسوية باطلة).
تضليل الشعب
وقلل القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بشرى الصائم من وجود تسوية لا تحقق مصالح الطرفين، وقال: (من الطبيعي ان يضع اي طرف الضمانات التي تحقق مطالبه)، وتساءل قائلاً: (كيف يتم نفيها، فطالما هناك تسوية بالتأكيد أن الحصانات جزء منها)، وأضاف الصائم في حديثه لـ (الإنتباهة) قائلاً: (ان حديث الحرية والتغيير غير صادق، والغرض منه تضليل الشعب لأن التسوية تقوم على تحقيق المصالح بين الطرفين، وبالتأكيد الحديث عن وجود الحصانة وارد بحكم مسألة التسوية)، وقال: (ان التخوف من المحاسبة ظل دائماً يلازم العسكر وهو امر غير جديد، لان الحرية والتغيير سبق ان هددتهم به وكان سبباً في انقلاب (٢٥) اكتوبر، لذلك لا يمكن ان يقبل العسكر بالتسوية بدون مقابل او ضمانات، اما الضمانات للحرية والتغيير فهي مشاركتهم في السلطة وبالنسبة للعسكر الخروج الآمن). واضاف ان الحصانة لن تكون عائقاً امام التسوية لأن الطرفين لديهما مصلحة متبادلة، بل بالعكس فهي ستدفعهم للاستمرار في هذا الاتجاه، لافتاً الى عن عدم الافصاح عن تلك الاتفاقيات خوفاً من الشعب الذي لن يقبل بها، لذلك لجأت الحرية والتغيير لاسلوب التضليل ونفيها.
تنازلات لصالح الجيش
وطبقاً لما نقلته صحف عالمية في وقت سابق فإن الاتفاق المقترح أن يوافق الجيش على تعيين رئيس دولة غير عسكري ورئيس وزراء يختاره المدنيون، فيما يُمنح شكل من أشكال الاستقلال والحصانة للجيش من الملاحقات القضائية، وهي التنازلات التي من شأنها أن تلغي الالتزامات الواردة في الوثيقة الدستورية التي كُتبت بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير. وكذلك نقلت وكالة بلومبرغ عن وزارة الخارجية الأميركية أن الاتفاق الذي تتم صياغته قد يساعد في تشكيل حكومة انتقالية وشاملة بقيادة مدنية مقبولة على نطاق واسع. وأضافت الوزارة أن الحكومة السودانية يجب أن تكون بقيادة مدنية، وأن توفر العدالة والازدهار والسلام، مؤكدة أن الحكم العسكري لن يكون مستداماً. وشهدت المحادثات التي أُجريت خلال الأسابيع الأخيرة مفاوضات مباشرة بين الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير المعارض، وفقاً لأشخاص مطلعين بينهم دبلوماسيون. وكان المتحدث باسم تحالف قوى الحرية والتغيير شهاب إبراهيم قد قال في تصريحات صحفية سابقة إن اللجنة الرباعية سهّلت المحادثات مع وفد عسكري يضم البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع. وكنقطة بداية للاتفاق استخدم دستور انتقالي جديد مقترح صاغته نقابة المحامين السودانيين، على الرغم من إضافة بنود تتضمن تنازلات لصالح الجيش. كما تنص مسودة الدستور الانتقالي على دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي.