كتائب الظل تعود إلى الواجهة: ميليشيا سرية تزرع الرعب في شرق السودان
وجود علاقة غير مباشرة بين الكتائب وجهات خارجية، على رأسها الحرس الثوري الإيراني

تحقيق خاص | برق السودان
في تطور مقلق يعكس عمق الفوضى الأمنية المتفاقمة في السودان، عادت “كتائب الظل” – وهي ميليشيا سرية مرتبطة بجهاز الأمن والمخابرات السابق – إلى الواجهة في شرق البلاد، لا سيما في مدينتي بورتسودان وسواكن.
وتشير شهادات ميدانية وتحقيقات خاصة إلى تصاعد نشاط هذه المجموعات في ظل غياب سلطة مركزية فعلية، مما يهدد أمن المدنيين ويثير علامات استفهام حول الجهات التي تدعم هذه الميليشيا وتوفر لها الحماية.
رغم تفكيك جهاز الأمن السابق في أعقاب ثورة ديسمبر 2018 فإن نشاط “كتائب الظل” لم يتوقف كليًا
من يقود كتائب الظل الآن؟
وفقًا لمصادر ميدانية وأمنية تحدثت لـ”برق السودان”، فإن قيادات كتائب الظل الحالية تنحدر من ضباط سابقين في جهاز الأمن والمخابرات الوطني المنحل، وبعضهم على صلة وثيقة بالحركة الإسلامية التي كانت تقود نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
وتشير هذه المصادر إلى أن المجموعة أعادت تنظيم صفوفها منذ أواخر العام 2023، مستفيدة من الفوضى التي أعقبت توسع رقعة الحرب في البلاد، ونقلت نشاطها تدريجيًا من الخرطوم إلى شرق السودان.
وبحسب إفادات من داخل مدينة بورتسودان، تتخذ هذه الكتائب مقرات سرية في أحياء هامشية، وتعمل على تجنيد الشباب العاطلين عن العمل عبر إغراءات مالية، وتمارس أنشطة تجسس داخلي، وتهديد لناشطين سياسيين ومدنيين، وتورطت في حالات اختفاء قسري لم تُعلن تفاصيلها بعد رسميًا.
التمويل والعلاقة بإيران: شبكة دعم معقدة
رغم تفكيك جهاز الأمن السابق في أعقاب ثورة ديسمبر 2018، فإن نشاط “كتائب الظل” لم يتوقف كليًا، بل أعاد إنتاج نفسه عبر شبكات تمويل ومساعدات لوجستية مشبوهة. ويشير تحقيق “برق السودان” إلى وجود علاقة غير مباشرة بين الكتائب وجهات خارجية، على رأسها الحرس الثوري الإيراني، الذي كثّف اتصالاته مؤخراً مع قادة عسكريين وأمنيين في شرق السودان، خاصة في منطقة بورتسودان الاستراتيجية.
وتؤكد معلومات استخباراتية مسربة أن بعض القيادات الميدانية في “كتائب الظل” تلقت تدريبات في قواعد خارجية، يُعتقد أنها تقع في إريتريا وربما إيران، كما حصلت على معدات مراقبة واتصالات حديثة. ويُشتبه في استخدام هذه الكتائب كأداة لإيران لخلق نفوذ استخباراتي في شرق السودان، مستغلة الانهيار المؤسسي للحكومة المركزية والحرب المستمرة بين الجيش والدعم السريع.
وجود علاقة غير مباشرة بين الكتائب وجهات خارجية، على رأسها الحرس الثوري الإيراني
قلق متزايد بين المدنيين وتحذيرات من انفجار الوضع
الوجود العلني المتزايد لعناصر “كتائب الظل” في بورتسودان وسواكن، والتهديدات التي طالت ناشطين وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، خلقت حالة من الذعر وسط السكان المحليين. وعبّر عدد من الأهالي عن مخاوفهم من عودة أساليب الاعتقال التعسفي والمراقبة القمعية التي كانت سائدة قبل سقوط نظام البشير.
في هذا السياق، دعت منظمات حقوقية سودانية ودولية إلى تحقيق عاجل ومستقل في أنشطة هذه الميليشيات، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في تمويلها أو تقديم الدعم اللوجستي لها، محذّرة من أن صمت السلطات قد يفتح الباب أمام انفجار أمني واسع النطاق في منطقة حيوية تُعد شرياناً اقتصادياً للبلاد.
خطر يهدد ما تبقى من الدولة
عودة كتائب الظل ليست مجرد ظاهرة أمنية، بل مؤشر خطير على عودة أدوات القمع القديمة بوجوه جديدة، في وقت ينزلق فيه السودان نحو مزيد من التفكك والانهيار. ويضع هذا التطور المجتمع الإقليمي والدولي أمام مسؤوليات مضاعفة، لوقف تمدد الميليشيات غير النظامية، ووقف التدخلات الخارجية التي تؤجج الصراع بدلًا من إنهائه.
برق السودان يواصل متابعة هذا الملف بكافة أبعاده، وسينشر تباعًا تفاصيل جديدة حول البنية السرية لكتائب الظل، وأسماء بعض قياداتها، وشبكات تمويلها.