تقارير

كيف أصبحت «شلة السقالة» على منصة أكس «تويتر سابقاً» مركز صنع القرار في مكتب رئيس الوزراء الانتقالي كامل إدريس؟

خلف الستار: من تغريدات تويتر إلى دهاليز السلطة

برق السودان | تحقيق استقصائي

في واحدة من أكثر القصص المثيرة في كواليس السياسة السودانية بعد الثورة، تكشف مصادر مطلعة أن مجموعة صغيرة من الناشطين السودانيين على منصة أكس  «تويتر سابقاً»، يُطلق عليهم داخليًا لقب “شلة السقالة”، أصبحوا خلال الأشهر الماضية اللاعبين الرئيسيين خلف الكواليس في مكتب رئيس الوزراء الانتقالي كامل إدريس.

هذه المجموعة، التي بدأت كحلقة إلكترونية تروّج لخطاب (مدني-ثوري) ضد العسكر، سرعان ما تطورت لتتحول إلى آلية ضغط ناعمة ومؤثرة تُمارس نفوذها على القرارات اليومية لمكتب إدريس، من التعيينات إلى البيانات الرسمية، وحتى إدارة الحملات الإعلامية وتصفية الخصوم.

“شلة السقالة” ليست كيانًا مؤسسًا ولا تنظيمًا معروفًا؛ بل هي شبكة تتكون من حوالي 7 إلى 10 أفراد نشطين على “تويتر”، يمتلك بعضهم خلفيات في الإعلام الرقمي، وآخرون في النشاط الطلابي والمبادرات الثورية. بعضهم يعمل داخل مؤسسات الدولة أو مرتبط بمكتب رئيس الوزراء بوظائف غير رسمية، بينما يلعب الآخرون دور “المستشارين الافتراضيين”.

المجموعة التي بدأت كحلقة إلكترونية تروّج لخطاب (مدني-ثوري) ضد العسكر سرعان ما تطورت لتتحول إلى آلية ضغط ناعمة ومؤثرة تُمارس نفوذها على القرارات اليومية لمكتب إدريس

تأثير خفي: كيف يُدار مكتب رئيس الوزراء عبر “تويتر”؟

تشير التسريبات إلى أن رئيس الوزراء الانتقالي كامل إدريس، يولي اهتمامًا بالغًا لرأي “شلة السقالة” حول كثير من القضايا، بل يُقال إنه يطلب مراجعة “التغريدات الرائجة” لديهم قبل إصدار بعض المواقف الرسمية. أحد المقرّبين من المكتب قال:

“أحيانًا يتم استدعاؤهم لاجتماعات غير معلنة، أو يتلقون مسودات خطابات سرية لإبداء رأيهم.”

وقد لوحظ خلال الشهور الماضية أن الخطاب الرسمي للحكومة الانتقالية بدأ يتقاطع بدرجة لافتة مع اللغة المستخدمة في تغريدات ناشطي “السقالة”، من حيث المصطلحات، التوجهات، وحتى طبيعة الخطاب الهجومي أو التصالحي تجاه قوى سياسية وعسكرية.

ومع هذا النفوذ المتصاعد، يزداد قلق بعض الشخصيات السياسية والمهنية في الدولة من اختزال القرار التنفيذي في يد شبكة غير منتخبة، وغير خاضعة لأي رقابة، تعمل من وراء شاشات الهواتف وتستخدم نفوذها الافتراضي لتحقيق تأثير فعلي على إدارة الدولة الانتقالية.

تخوفات واتهامات: هل تحول الخطاب المدني إلى سلطة ظل رقمية؟

يواجه ناشطو “شلة السقالة” اتهامات متزايدة باستخدام نفوذهم لاستهداف الأصوات المختلفة معهم داخل الحاضنة المدنية، وتهميش معارضي سياسات رئيس الوزراء الانتقالي، بل والترويج لـ”عسكرة خطاب الثورة” أحيانًا بما يخدم أجندات السلطة.

كما أثيرت تساؤلات داخل قوى الحرية والتغيير ومجموعات المقاومة حول ما إذا كان إدريس قد استبدل الاستشارة المؤسسية بالمزاج التويتري، وهو ما قد يهدد توازن السلطة في مرحلة انتقالية يفترض أن تكون شاملة وتشاركية.

في المقابل، يدافع أعضاء “شلة السقالة” عن أنفسهم بالقول إنهم يمارسون حقهم كمواطنين في التأثير عبر وسائل التواصل، وأن تدخلهم يعكس نبض الشارع وليس هيمنة سلطوية، مشيرين إلى أن غياب المؤسسات الانتقالية الحقيقية يجعل من الطبيعي اللجوء إلى “سلطة الشعب الرقمية”.

يبقى السؤال الأهم: هل باتت “تويتر” هي الغرفة الخلفية لإدارة السودان؟

في ظل هشاشة المشهد الانتقالي وتضاؤل الثقة في النخب السياسية، يجد رئيس الوزراء كامل إدريس، نفسه عالقًا بين ضغط الشارع الرقمي وبين مسؤولية الحكم الرشيد، بينما تواصل “شلة السقالة” لعب دورها المؤثر – بقدر كبير من الغموض، وبلا أي مساءلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى