الأخبار

هل يقضي استهلاك السودانيين للفحم النباتي على الصمغ العربي؟

الخرطوم | برق السودان

كثير من الأغنيات السودانية خلدت الطبيعة التي تجمع بين حزام الغابات الاستوائية والسهول العشبية المكونة للسافانا الغنية، شمال وجنوب خط الاستواء، وبسبب أن المساحة الشاسعة من هذا الإقليم تقع في السودان، إضافة إلى تشاد والنيجر ومالي وجزء من موريتانيا والسنغال وغيرها، فقد أطلق عليها اسم الإقليم السوداني. ولأن هذا الحزام الغابي من المناطق المفضلة للصيد والسفاري، فقد أبدع الشاعر المغني السوداني خليل فرح في أغنيته الشهيرة “في الضواحي” مناجياً أقرانه بمفارقة المدن إلى أطرافها وإلى الضواحي الشاسعة للاستمتاع بساعات الشفق، وممارسة الصيد والقنص بواسطة كلبه المتمرس “جمجوم”، هذا ما كانت عليه الحال في عشرينيات القرن الماضي، التاريخ المرجح للأغنية، التي عكست جزءاً من النشاط الاقتصادي المرتبط بتلك الغابات.

ومن حطب الوقود المنتج من هذه الغابات يعتمد حوالى 80 في المئة من السودانيين على الفحم النباتي، للاستخدام المنزلي في أغراض الطبخ، ويزداد استهلاكه مع دخول فصل الشتاء لأغراض التدفئة أيضاً، وفي ظل ما تشكله مسألة استخدام الطاقة من قلق كبير في السودان، يظل الفحم هو أكثر مصادر الطاقة المرغوبة لآلاف الأسر، وأنواع أشجار الحطب كثيرة منها الهشاب والطلح اللتان ينتج منهما الصمغ العربي، ويستخدم الطلح في شكله الخام لأغراض الزينة والعلاج عند النساء السودانيات في ما يعرف بـ”الدخان”، وعلى رغم ارتفاع سعر جوال الفحم إذ وصل إلى حوالى 35 دولاراً، فإنه المفضل لدى أصحاب بعض النشاطات الاقتصادية الصغيرة مثل “ستات الشاي”، خصوصاً مع ارتفاع سعر غاز الطبخ وشحه في أحيان كثيرة بعد رفع الدعم عنه نتيجة السياسات الاقتصادية الأخيرة.

وقدر بعض التقارير أنه إذا استمر استهلاك الفحم النباتي بهذه الوتيرة، فإنه خلال عقدين فقط يمكن أن يحدث تصحر تام، ولا يقابل هذا الاستهلاك مشاريع تشجير تعوض النقص في الغطاء النباتي. كما أن تجارة الفحم ظلت إلى حد كبير غير منظمة، إذ يهرب على المقطورات والشاحنات إلى دول الجوار، وضبط كثير من الشحنات المهربة، لكن أحياناً يدعي أصحابها أنها فارغة أو يقومون بالتمويه بشحن سلع أخرى على سطحها.

مورد حيوي

ويقول المدير العام للهيئة القومية للغابات أنور عبد الحميد الحاج “بصفتها من الموارد الطبيعية المهمة التي تلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد السوداني، فإن الغابات تسهم بحوالى 69 في المئة من إجمالي الطاقة المستهلكة في البلاد، ومع استغلال النفط، إلا أن الغابات تمد القطيع القومي (الماشية) بنحو 30 إلى 70 في المئة من احتياجاته للعلف في فصلي الخريف والصيف على التوالي. كما تستوعب 15 في المئة من العمالة في الريف وتفي بكل احتياجات البلاد تقريباً من الأخشاب الصلبة”، وأضاف “توفر الغابات للبلاد من الأخشاب حوالى 21 مليون متر مكعب تستهلك هذه الكمية في هيئة تسعة ملايين متر مكعب من حطب الحريق وثمانية ملايين متر مكعب من الأخشاب المحولة إلى فحم، وحوالى ثلاثة ملايين متر من الأخشاب المستديرة والمنشورة”.

اقرأ ايضاً :

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى