تقارير

وفد إعلامي سوداني يزور إريتريا بدعوة من الرئيس أفورقي

دلالات سياسية وأبعاد إقليمية

تقرير | برق السودان

في خطوة تثير العديد من التساؤلات حول الأبعاد السياسية والإقليمية لها، قام وفد إعلامي سوداني بزيارة إلى إريتريا بناءً على دعوة من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي. وتأتي هذه الزيارة في ظل تزايد التوترات في منطقة القرن الإفريقي، وتحديدًا بين مصر وإثيوبيا بسبب الخلافات المستمرة حول سد النهضة، مما يثير التكهنات حول ما إذا كانت هناك أجندات خفية مرتبطة بهذه الزيارة.

وفد يضم شخصيات إعلامية بارزة

يتكون الوفد من عدد من الشخصيات الإعلامية السودانية المعروفة، من بينهم عثمان ميرغني، الطاهر ساتي، أسامة عيدروس، الهندي عزالدين، عادل الباز، خالد التيجاني النور، مزمل أبو القاسم، ومحمد عبد القادر. وكان منسق الدعوة للزيارة هو خالد الأعيسر. يعتبر هؤلاء الإعلاميون من الأصوات المؤثرة في السودان، ولهم متابعون كثر، مما يعطي للزيارة أهمية خاصة، حيث يمكن أن تكون مقدمة لتوجيه رسائل إعلامية وسياسية معينة.

يشير حضور هؤلاء الصحفيين إلى محاولة لكسب الرأي العام السوداني أو إعداد الأرضية لتغييرات في مواقف السودان تجاه القضايا الإقليمية، خصوصًا مع تطور العلاقات بين السودان وإريتريا ومصر من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى. كما قد يكون للزيارة دور في توجيه رسائل دبلوماسية غير مباشرة لإثيوبيا، تتعلق بالتصعيد الأخير حول ملف سد النهضة وتأثيره على دول المصب.

يُعرف عن هؤلاء الصحفيين أنهم كانوا محسوبين على النظام السابق في السودان، وقد تبنوا مواقف مناهضة لحكومة الفترة الانتقالية التي قادها رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، وكذلك ضد لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989، التي كانت تسعى لإزالة آثار النظام البائد.

خلفيات وانتماءات صحفيي الوفد

يُشار إلى أن العديد من أعضاء الوفد لا يستوفون شروط تولي مناصب رئاسة التحرير وفقاً للمعايير المهنية المعروفة، كما أن مؤهلاتهم الأكاديمية «دفع مقدم» ومضروبة ومتواضعة. هذه النقطة أثارت تساؤلات حول المعايير التي تم اعتمادها لاختيارهم للمشاركة في زيارة ذات طبيعة سياسية هامة، مما يدفع بعض المراقبين لاعتبار أن للزيارة أهدافًا خفية تتجاوز مجرد العمل الإعلامي.

دورهم في الحملة ضد حكومة الثورة السودانية

خلال فترة حكومة الثورة بقيادة عبد الله حمدوك، شارك العديد من هؤلاء الصحفيين في حملات إعلامية مناهضة للحكومة واللجنة التي كانت تعمل على تفكيك النظام السابق. من المعروف أن هذه الحملة ساهمت في تأجيج التوترات السياسية وزيادة الاستقطاب داخل السودان، حيث اتهمت الحكومة الانتقالية بمحاولة القضاء على إرث النظام السابق وإحداث إصلاحات جذرية.

هذه الانتماءات والمواقف السابقة للوفد تضفي على زيارته لإريتريا أبعادًا سياسية قد تكون مرتبطة بمحاولة إعادة تنظيم القوى المؤيدة للنظام السابق أو دعم أجندة معينة في النزاع الإقليمي، خاصة مع تصاعد التوترات في المنطقة.

أبعاد سياسية وإقليمية: هل هناك دور لمصر؟

زيارة الوفد الإعلامي السوداني إلى إريتريا تأتي في سياق إقليمي معقد، حيث تتداخل مصالح الدول الثلاث الرئيسية، السودان، مصر، وإثيوبيا. وقد أثارت الزيارة تساؤلات حول ما إذا كانت هناك أجندة مصرية غير معلنة تسعى لاستخدام السودان كأداة ضغط على إثيوبيا، خاصة أن مصر تخوض صراعًا دبلوماسيًا مع إثيوبيا بشأن سد النهضة الذي تعتبره القاهرة تهديدًا لحصتها من مياه النيل.

التقارب السوداني الإريتري في هذا التوقيت قد يعكس استراتيجية إقليمية يتم تنسيقها بين الخرطوم والقاهرة وأسمرة لمحاولة عزل إثيوبيا دبلوماسيًا، أو حتى توجيه رسائل تحذيرية غير مباشرة. هذا التقارب قد يكون له علاقة بالمصالح المشتركة في المنطقة، مثل تأمين الحدود ومحاربة الجماعات المسلحة، إضافة إلى الموقف الموحد من ملف المياه.

نتائج محتملة وتحديات مستقبلية

رغم أن تفاصيل الزيارة لم تُكشف بشكل كامل، إلا أن هناك بعض التكهنات حول إمكانية أن تسفر الزيارة عن تفاهمات سياسية وإعلامية بين السودان وإريتريا. قد تشمل هذه التفاهمات دعم الموقف الإريتري ضد إثيوبيا أو تنسيق المواقف بشأن النزاعات الإقليمية، بما في ذلك قضية سد النهضة.

في المقابل، فإن السودان قد يواجه تحديات متعلقة بتبني سياسة مزدوجة بين إثيوبيا وإريتريا، خصوصًا في ظل التحولات السياسية داخل السودان وعدم استقرار الأوضاع فيه، مما يجعل أي تحالف جديد محفوفًا بالمخاطر.

ختامًا، يظل الغموض يحيط بالدوافع الحقيقية وراء هذه الزيارة، لكن المؤكد أن نتائجها ستظهر على الساحة الإعلامية والسياسية قريبًا، مما يستدعي مراقبة تطورات الأحداث بعناية لفهم الأبعاد الإقليمية بشكل أعمق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى