بورتسودان تتراجع: القنصلية السودانية في دبي مستمرة
من التصعيد إلى التراجع.. قرارات "الهرمونات الدبلوماسية" تربك السودانيين في الخارج

بورتسودان | برق السودان
في خطوة فُهمت على نطاق واسع بأنها تراجع عن قرار سابق بقطع العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت وزارة الخارجية السودانية أن القنصلية العامة للسودان في دبي ستظل مفتوحة وتواصل تقديم خدماتها للمواطنين السودانيين المقيمين في دولة الإمارات “حتى إشعار آخر”.
يأتي هذا الإعلان المفاجئ بعد أيام من التصريحات الصادمة التي أطلقها مسؤولون في الحكومة السودانية، والتي تضمنت إعلانًا عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات.
من التصعيد إلى التراجع.. قرارات “الهرمونات الدبلوماسية” تربك السودانيين في الخارج
القرار الجديد أعاد فتح الباب للتساؤلات حول طبيعة السياسة الخارجية السودانية، التي باتت توصف على نطاق واسع بأنها خاضعة لـ”الهرمونات الدبلوماسية”، في إشارة إلى الطابع الانفعالي والمتقلب الذي يغلب على قرارات وزارة الخارجية في ظل الأزمة الراهنة.
الجالية السودانية بين مطرقة القرارات وسندان الغموض
المواطنون السودانيون المقيمون في الإمارات، والذين يقدّر عددهم بالآلاف، كانوا من أكثر المتأثرين بحالة التخبط. فبعد إعلان القطيعة، عاش الكثير منهم حالة من القلق بسبب احتمالية توقف الخدمات القنصلية، مثل تجديد الجوازات، إصدار التوكيلات، والتوثيقات الرسمية.
الإبقاء على القنصلية مفتوحة أعاد قليلًا من الطمأنينة، لكنه كشف في الوقت ذاته عن غياب استراتيجية واضحة في التعاطي مع الشؤون الخارجية. فبينما تصعّد سلطة بورتسودان لهجتها في الإعلام، تعود لتتخذ خطوات أكثر هدوءًا خلف الكواليس، ما يعكس حالة من عدم الاتساق المؤسسي بين الأجهزة الرسمية.
أزمة سياسية تتسلل إلى مسار العلاقات الخارجية
الجدير بالذكر أن قرار القطيعة مع دولة الإمارات لم يصدر من رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بشكل رسمي، ما زاد من حدة الجدل حول شرعية القرار ومدى اتفاق مؤسسات الدولة عليه. ومع احتدام الصراع العسكري في الداخل، يبدو أن السياسة الخارجية أصبحت ساحة أخرى للصراع والتجاذبات، بدل أن تكون أداة لتقليل الأزمات وتقديم صورة موحدة.
التحركات الأخيرة تعكس ما يصفه مراقبون بـ”الهرمونات الدبلوماسية” في السياسة السودانية، إذ تُتخذ قرارات مصيرية بسرعة وانفعال، ثم يتم التراجع عنها دون توضيح كافٍ، ما يضعف ثقة الداخل والخارج في التوجهات السودانية.
في المحصلة، فإن إبقاء القنصلية مفتوحة في دبي رغم إعلان القطيعة الدبلوماسية، ليس مجرد قرار إداري، بل مؤشر على الفجوة بين الخطاب السياسي والتنفيذ الواقعي، في بلد يكافح للحفاظ على تماسکه الداخلي، وسط عواصف إقليمية ودولية متصاعدة.