الأخبارتقارير

جرائم حرب في دارفور.. الجيش السوداني يوسع هجماته الجوية وسط إدانات دولية

هجوم دموي على سوق مزدحم في طورا

‏‎بورتسودان | برق السودان – تقرير

نفّذ الجيش السوداني غارة جوية دموية يوم الاثنين استهدفت سوقًا مزدحمًا في بلدة طورا بشمال دارفور، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن الهجوم يرقى إلى مستوى “جريمة حرب”، في ظل تصاعد الأعمال العدائية بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور التُقطت عقب الغارة حجم الدمار البشري والمادي، حيث وثّقت المشاهد جثثًا متفحمة وأشلاءً بشرية متناثرة في مساحة شاسعة من السوق، التي التهمتها النيران بالكامل. وأكد مشروع “شهود” التابع لمركز مرونة المعلومات – وهو منظمة غير ربحية توثّق جرائم الحرب المحتملة – صحة الموقع الجغرافي للفيديوهات، كما كشفت صور الأقمار الصناعية عن احتراق مساحة تبلغ نحو 10,000 متر مربع يوم الاثنين.

ومع استمرار تعتيم الجيش السوداني على حجم الخسائر البشرية، قدّرت منظمة “آفاز” الأمريكية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، نقلاً عن جماعات محلية، أن عدد القتلى تجاوز 200 شخص، بينما أشارت تقارير أخرى إلى مقتل العشرات. كما أظهر تحليل نيويورك تايمز للقطات المتاحة أن السوق تعرض لانفجارات متعددة، حيث استهدفت أربعة صواريخ السوق، واحد في مركزه وثلاثة أخرى في أطرافه.

التداعيات السياسية والتوترات المتصاعدة

يأتي هذا الهجوم في وقت يشهد السودان حالة من الانقسام السياسي والعسكري الحاد، مع استمرار الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). ورغم أن الجيش السوداني نفى في مناسبات سابقة استهداف المدنيين، إلا أن الهجمات الجوية المتكررة – كما في طورا – تعزز الاتهامات ضده بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

دوليًا، تزايدت الدعوات لفتح تحقيق مستقل في المجازر التي تشهدها دارفور، حيث دعت منظمات حقوقية إلى محاسبة المسؤولين عن استهداف الأسواق والمناطق المدنية. ومن المتوقع أن تزيد هذه الحادثة من الضغوط على الجيش السوداني، خاصة مع الجهود الدولية لاستئناف محادثات السلام.

في السياق ذاته، قد تستغل قوات الدعم السريع هذه الحادثة لتعزيز موقفها في الحرب الإعلامية والسياسية ضد الجيش السوداني، في ظل سعيها للحصول على دعم دولي. إذ سبق لقائدها حميدتي أن دعا إلى تدخل دولي لوقف الانتهاكات، محمّلًا الجيش مسؤولية تصعيد الصراع.

السيناريوهات المحتملة وردود الفعل الدولية

مع تصاعد الغضب المحلي والدولي تجاه الجرائم التي تُرتكب في دارفور، قد يتجه المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات جديدة على القيادات العسكرية السودانية، أو الدفع نحو إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقد تدفع هذه الضغوط الجيش السوداني إلى تغيير استراتيجيته العسكرية، لكن من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى وقف الهجمات الجوية بشكل كامل، نظرًا لاعتماد الجيش عليها كوسيلة رئيسية لاحتواء انتشار قوات الدعم السريع.

أما داخليًا، فإن استمرار استهداف المدنيين قد يزيد من تآكل شرعية الجيش السوداني، خاصة في ظل تزايد الغضب الشعبي، وارتفاع عدد الضحايا في المناطق التي تشهد اشتباكات. وقد يدفع هذا الوضع بعض الفصائل السودانية إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة، سواء بالانضمام إلى أحد طرفي الصراع أو الضغط من أجل حل سياسي أكثر شمولًا.

في النهاية، يظل السؤال الأهم: هل سيتحرك المجتمع الدولي بجدية لوقف الانتهاكات في السودان، أم أن دارفور ستظل ساحة مفتوحة لجرائم الحرب التي يدفع ثمنها الأبرياء؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى