الأخبار

جريدة : إخوان السودان في قلب عاصفة جديدة وتحول خطير للمواجهة

الخرطوم | برق السودان

يترقب إخوان السودان عاصفة جديدة من شأنها اقتلاع جذور التنظيم من الأرض، في ضوء القرارات التي أعلنت عنها ورشة التفكيك الخميس الماضي، وتشمل حزمة إجراءات لتعزيز آليات ملاحقة عناصر التنظيم والتضييق على أنشطتهم، وأيضاً اجتثاث جذور حكم الإخوان الذي استمر في البلاد مدة (30) عاماً، وما يزال متوغلاً بمختلف المناصب التنفيذية داخل الدولة.

وكان خبراء وسياسيون سودانيون شاركوا يوم الخميس، في ختام مؤتمر تجديد عملية تفكيك نظام الإخوان الذي حكم البلاد سابقاً، قد اتفقوا على خارطة طريق تضمنت إلغاء كافة القرارات الصادرة من الدائرة الاستئنافية والقضائية المتعلقة بإلغاء قرارات لجنة التفكيك السابقة، وإعفاء قضاة المحكمة العليا، وإخضاع قضاة الدرجات العليا للفحص والتدقيق.

كما اتفقوا، بحسب ما أوردته شبكة “سكاي نيوز”، على تأسيس شرطة خاصة بتفكيك التمكين، ومنح أعضاء اللجنة حصانة إجرائية وقانونية.

وتأتي هذه التوصيات، وفق التقرير، كخطوة أولى نحو الاتفاق النهائي لنقل السلطة إلى المدنيين عبر معالجة (5) قضايا أساسية تشمل تفكيك تمكين نظام الإخوان والعدالة وإصلاح الجيش والأجهزة الأمنية وإصلاح الأجهزة العدلية ومراجعة اتفاق السلام الموقع في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2020.

تطهير القضاء وتفعيل قوانين مكافحة الفساد

التوصيات التي جاءت بعد اجتماع قوى بارزة للتيار السياسي والمدني السوداني، أكدت على إلغاء الأحكام الصادرة من الدائرة القضائية التي ألغت قرارات لجنة التفكيك وإعفاء قُضاة المحكمة العليا وإخضاع القُضاة الآخرين لعملية فحص وتدقيق، وفق ما أوردته صحيفة “العين” الإخبارية.

كما أوصت بإنهاء تمكين منسوبي نظام الرئيس المعزول عُمر البشير داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومُلاحقة المعتدين على المال العام.

تحول خطير للمواجهة بين لجنة التفكيك وتنظيم الإخوان
وشملت توصيات المؤتمر أيضاً إجراء مراجعات شاملة لقطاعات النفط والتعدين والتعليم بكل مستوياته، ومراجعة الفساد في القطاع الخاص، ومحاسبة المتورطين في اكتساب الأموال بطريقه غير شرعية؛ بتفعيل قوانين: “من أين لك هذا؟ والثراء الحرام، والمال المشبوه، وسد ثغرات نظم المكافحة الدولية”.

كذلك أوصى المؤتمر بتصفية جميع الواجهات الدينية للنظام البائد، وتكوين لجنة للمراجعة على المستويين المركزي والولائي، وإلغاء جهاز التحصيل الموحد، وتفكيك بنية التمكين في كل الأجهزة الإعلامية والرسمية منها على وجه الخصوص.

تغريم زوجة البشير واتهامها بالثراء الحرام

في السياق، أدانت محكمة الامتداد بالخرطوم أمس زوجة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمتها بتهم الثراء الحرام، وأصدرت حكماً بمصادرة أملاكها وتغريمها (100) مليون جنيه، وفق ما أورد موقع “العربية”.

وأفادت المحكمة بأنّ المتهمة وداد بابكر مذنبة بموجب قانون الثراء الحرام، مؤكدة أنّها ظلت تتحصل على معاش زوجها بعد زواجها بـ (11) عاماً، في مخالفة لقانون القوات المسلحة وقانون الثراء الحرام، كما أكدت المحكمة أنّ الأحجار الكريمة التي تمتلكها “تمثل ثراءً حراماً ومشبوهاً”.

محمود الشيخ: تفكيك بنية النظام البائد يقوم على محورين؛ أولهما استرداد الأموال المنهوبة في الداخل والخارج، وهذا لن يتأتى إلا عبر وجود تشريع واكتمال هيكل المؤسسات العدلية، بمعنى ضرورة تعيين أعضاء المحكمة الدستورية

وعليه، فقد أصدرت المحكمة حكمها بمصادرة العقارات والأموال ومصادرة المصوغات والأحجار الكريمة، وكذلك مصادرة حسابين بنكيين ببنك أم درمان الوطني، إضافة إلى تغريمها غرامة حددتها المحكمة بـ (100) مليون جنيه.

قرارات مهمّة مرتقبة

من جهته، كشف محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة سابقاً، ونائب رئيس لجنة إزالة التمكين، عن قرارات مهمّة ستصدر خلال الأيام المقبلة في إطار عمل لجنة تفكيك نظام الـ (30) من حزيران (يونيو).

وأوضح أنّ القرارات المقبلة ستركز على ملفات الفساد الكبيرة، وقال الفكي: (ستسمعون صراخهم)، ليس من أجل الدين، وإنّما من أجل الدنيا، مشيراً إلى أنّه يتذكر دائماً شعارات الإسلاميين (لا لدنيا قد عملنا)، ويتذكر ادعاءهم العمل وفق مبادئ الدين الإسلامي، وهم بعيدون عنه تماماً.

محمد الفكي: قيادة لجنة التفكيك لن تكون موجودة في المشهد القادم، وإنّما تُسلّم الملفات إلى اللجنة الجديدة
محمد الفكي: قيادة لجنة التفكيك لن تكون موجودة في المشهد القادم، وإنّما تُسلّم الملفات إلى اللجنة الجديدة

وأشار الفكي، بحسب ما نقلته عنه وسائل إعلام سودانية، إلى أنّ قيادة لجنة التفكيك لن تكون موجودة في المشهد القادم، وإنّما تُسلّم الملفات إلى اللجنة الجديدة، موضحاً أنّ “اللجنة السابقة كانت تعاني شح الميزانية، لذلك لم تستطع أن تستقطب الكفاءات التي تعينها على العمل بصورة صحيحة”.

وذكر أنّ “اللجنة كانت محبوبة ومحمية من الشارع، لكن محاطة بكثير من العقبات لطبيعة التحالف الحاكم والنظام المبني على الشراكة، بيد أنّ اللجنة القادمة ستكون متحررة من ذلك، لأنّها ستعمل تحت حكومة مدنية، ولن تبدأ من الصفر، وإنّما ستجد كثيراً من الملفات لتعمل عليها”.

هل تنجح مهمة اللجنة هذه المرة؟

يرى القانوني محمود الشيخ، عضو اللجنة السياسية للمحامين الديمقراطيين، أنّ تفكيك بنية النظام البائد يقوم على محورين؛ أوّلهما استرداد الأموال المنهوبة في الداخل والخارج، وهذا لن يتأتى إلا عبر وجود تشريع واكتمال هيكل المؤسسات العدلية، بمعنى ضرورة تعيين أعضاء المحكمة الدستورية، وفق تصريحات نقلتها عنه صحيفة “الإندبندنت عربية”.

ويقول الشيخ للمصدر ذاته: إنّه يمكن استرداد الأموال المنهوبة داخلياً باستخدام قانون الثراء الحرام والمال المشبوه لعام 1989، باعتبار أنّ الغرض الأساس هو استرداد أصل المال وما ترتب عليه من أموال أخرى نقدية أو عقارية وغيرها، وهو غرض اقتصادي في المقام الأول، وليس ملء السجون، فضلاً عن أنّ استرداد الأموال المنهوبة خارجياً لن يتأتى من دون وجود تشريع واتفاقيات دولية بجانب الضغوط السياسية، خاصة أنّ الكتلة الكبيرة من ذلك المال موجودة بتركيا وماليزيا ومصر، بجانب بعض الدول الأوروبية.

محمد الفكي سليمان: أتذكر دائماً شعارات الإسلاميين (لا لدنيا قد عملنا)، وأتذكر ادّعاءهم العمل وفق مبادئ الدين الإسلامي، وهم بعيدون عنه تماماً

ويتعلق المحور الثاني للتفكيك، وفق الشيخ، بسيطرة النظام البائد على مفاصل الدولة والخدمة المدنية، “فإذا ما أزيحت القيادات من المؤسسات، فستفقد القواعد فاعليتها، خاصة أنّ النظام البائد في أعوامه الـ (10) الأخيرة تسيدته طبقة الانتهازيين”.

وأشار إلى أنّ الحركة الإسلامية لم تكن هي الحاكمة فعلاً في أعوامها الأخيرة، بل كان تنظيماً خاصاً يديره أفراد متناحرون ومنقسمون إلى (3) مجموعات؛ إحداها تحت سيطرة الرئيس المعزول، والثانية بقيادة علي عثمان، والثالثة يقودها نافع علي نافع؛ ممّا تسبب في صراع أدى إلى تساقط القواعد وضعف التنظيم لدرجة التلاشي.

كيف ردّ الإخوان؟

في تحول خطير للمواجهة بين لجنة التفكيك وتنظيم الإخوان على حدّ وصف مراقبين سودانيين، قام مجهولون باختطاف واغتصاب ابنة الطيب عثمان الأمين العام للجنة إزالة التمكين.

جانب من حضور جلسة المؤتمر من أطراف الاتفاق الإطاري
جانب من حضور جلسة المؤتمر من أطراف الاتفاق الإطاري

وأكدت صحيفة “سودان تربيون” عن المصادر أنّ الطفلة البالغة من العمر (15) عاماً، كانت في طريقها إلى المدرسة حين طوردت واختطفت من قبل (3) أشخاص يقودون سيارة، وأنّ الخاطفين اصطحبوا الطفلة إلى منزل أسرة في جهة غير معلومة، حيث تم اغتصابها.

وذكرت مصادر سودانية أنّ الجناة طالبوا الطفلة بأن تبلغ والدها بما حدث لها، وتركوها قبالة جسر المنشية في الخرطوم.

وأشارت قوى سياسية ومنظمات حقوقية بأصابع الاتهام إلى منسوبي الأمن الشعبي الذي يتبع للحركة الإسلامية الحاكمة في العهد السابق، في محاولة لإرهاب قيادات لجنة التفكيك؛ من أجل التوقف عن إزالة تمكين النظام السابق بمؤسسات الدولة، فقد سبقت هذه الجريمة استهداف أعضاء اللجنة: وجدي صالح، والمقدم شرطة عبد الله سليمان، عبر التوقيف بدعاوى جنائية، أو محاولة إرهابهم وإرهاب أسرهم، وفق موقع “الديمقراطي السوداني”.

وكان عضو لجنة التفكيك المجمدة صلاح مناع قد قال في تغريدة على “تويتر”: إنّ “ما حدث لابنة الأمين العام للجنة، مع بداية الورشة التمهيدية للتفكيك، يُعتبر تحولاً خطيراً في الصراع ضد المؤتمر الوطني والأمن الشعبي”، واعتبر مناع أنّ ما جرى رسالة من “الأمن الشعبي”، بأنّ قرار المواجهة والاستهداف الشخصي قد تمّ اتخاذه.

المصدر : حفريات

اقرأ ايضاً :

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى