لاهاي – رصد برق السودان
من هو السيد علي كوشَيْب وماهي التهم الموجهة إليه؟
في 9 يونيو 2020م، قُدِّم السيد علي محمد علي عبد الرحمن (علي كوشَيْب) إلى عهدة المحكمة الجنائية الدولية بعد أن سلَّم نفسه طوعاً في جمهورية أفريقيا الوسطي.
والسيد كوشَيْب، مواطن سوداني من مواليد 1957م، تقريباً. ويُدَّعي بأنه كان من أكبر القادة في تدرج المراتب القبلية في محلية وادي صالح وعضواً في قوات الدفاع الشعبي كما يزعم بأنه كان قائداً لآلاف من أعضاء ميليشيا الجنجويد من أغسطس 2003م إلى مارس 2004م، على وجه التقريب.
ويُدَّعي بأنه نفذ إستراتيجية الحكومة السودانية في مكافحة التمرد التي تسببت في إرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور بالسودان.
وكان السيد كوشَيْب، يعتبر وسيطاً بين قيادات ميليشيا الجنجويد في وادي صالح والحكومة السودانية. ويُزعَم بأنه قام بتجنيد محاربين، وبتسليح وتمويل وتأمين المؤن والذخائر لميليشيا الجنجويد تحت قيادته، متعمِّداً بذلك المشاركة في الجرائم المذكورة. كما يزعم بأنه شارك شخصياً في هجمات ضد السكان المدنيين في بلدات كودوم وبنديسي ومكجر وأروالا بين أغسطس 2003م، ومارس 2004م، حيث أرتُكِبت جرائم قتل للمدنيين، وإغتصاب وتعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة القاسية وأنه بذلك قد شارك مع غيره في إرتكاب هذه الجرائم.
وفي 7 أبريل 2007م، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولي للمحكمة الجنائية الدولية أمرين بالقبض على علي كوشَيْب، وأحمد هارون (وهو ليس محتجزاً لدى المحكمة). ورأت الدائرة أن ثمة أسباباً معقولة للإعتقاد:
1. بأن نزاعاً مسلحاً وقع بدءاً من أغسطس 2002م، بين حكومة السودان، بما في ذلك مقاتلين من قوات المسلحة الشعبية السودانية (القوات المسلحة السودانية) وقوات الدفاع الشعبي فضلاً عن ميليشيا الجنجويد، من جهة وقوات متمردة منظمة منها “حركة جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة في دارفور” في السودان من جهة أخري.
2. بأن القوات المسلحة السودانية وميليشيا الجنجويد عملتا معاً في 2003م و 2004م في إطار إستراتيجية مكافحة التمرد وقامتا بهجمات متعددة ذات طابع منهجي أو واسعة النطاق على بلدات كودوم وبنديسي ومكجر وأروالا والمناطق المحيطة بها، حيث إرتُكِبت أعمال إجرامية ضد مدنيين من الفور والزغاوة والمساليت أساساً، بما في ذلك قتل المدنيين والإغتصاب والإعتداء على كرامة النساء والفتيات، والنقل القسري، والسجن أو الحرمان الشديد من الحرية، وشن الهجمات المتعمدة ضد المدنيين المذكورين.
ويتضمن أمر القبض على علي كوشَيْب، الصادر في 27 أبريل 2007م، “50” تهمة إستناداً إلى مسؤوليته الجنائية الفردية ويشمل:
• إثنين وعشرين تهمة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية (القتل وإبعاد السكان أو النقل القسري للسكان والسجن أو الحرمان الشديد من الحرية على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي والتعذيب والإضطهاد والإغتصاب وإرتكاب أفعال لا إنسانية ما يسبب معاناة بدنية شديدة أو أذي خطير.
• ثمان وعشرين تهمة تتعلق بجرائم حرب (القتل والإعتداء على الحياة والسلامة البدنية والإعتداء على الكرامة الشخصية، وبخاصة المعاملة المهنية والحاطّة بالكرامة وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين والنهب والإغتصاب وتدمير الممتلكات او الإستيلاء عليها).
وفي 11 يونيو 2020م، قررت الدائرة التمهيدية الثانية في المحكمة الجنائية الدولية رفع السرية، مع كتم بعض المعلومات ذات الحساسية، عن أمر ثانٍ بالقبض بحق السيد علي كوشَيْب، وهو يضيف ثلاثة إتهامات جديدة تتعلق بجرائم حرب (القتل) وجرائم ضد الإنسانية (القتل وأعمال لا إنسانية) يدعى بإرتكابها في دليج بين 5 و 7 مارس 2004م.
في جلسة المثول الأول .. يتأكّد القاضي من هوية المشتبه به ومن أنه يفهم التهم الموجَّهة إليه وتحدد اللغة التي ينبغي ان تقام بها الإجراءات والتاريخ للشروع في جلسة إعتماد التهم.
ما الذي يحدث بعد وصول علي كوشَيْب إلى مرفق الإحتجاز التابع للمحكمة الجنائية الدولية؟
تتأكد المحكمة ما أن يُسلَّم مشتبه به إلى عهدتها من ان يتلقى نسخة من أمر القبض الصادر بحقة بلغة يتقنها إتقاناً تاماً فهماً وكلاماً. وفي غضون فترة معقولة من وصوله إلى مرفق الإحتجاز، تعقد الدائرة التمهيدية جلسة مثول أول لتتحقّق من هوية المشتبة به ومن أن أحيط علماً بوضوح بالجرائم المنسوبة إليه وبالحقوق التي يتمتع بها بموجب نظام روما الأساسي.
ماهي جلسة المثول الأول؟
يمثل المشتبه به لأول مرّة أمام المحكمة بعيد وصوله إلى لاهاي، وستعقد هذه الجلسة في 15 يونيو 2020م، أمام القاضي المنفرد روزاريو سلفاتور آيتالا، وفي أثناء هذه الجلسة، يتأكّد القاضي من هوية المشتبه به ومن أنه يفهم التهم الموجَّهة إليه وتحدد اللغة التي ينبغي ان تقام بها الإجراءات والتاريخ للشروع في جلسة إعتماد التهم.
وإعتباراً من هذا التاريخ، سيتمتع المشتبه به بالحقوق التي يقر بها نظام روما الأساسي بما في ذلك الحق في ان يتاح له ما يكفي من الوقت والتسهيلات لتحضير دفاعه والحصول على مساعدة محامٍ دون مقابل إذا لم يكن قادراً على دفع أتعاب المحاماة.
ماذا سيحدث بعد إنعقاد جلستي المثول الأول؟
بعد إنعقاد جلسة المثول الأول، ستباشر الدائرة التمهيدية الإجراءات المؤدية إلى إنعقاد جلسات إعتماد التهم. وقد تستغرق هذه العملية عدة أشهر ويتوقف ذلك على تشعب القضايا وعلى ما قد يُقدَّم من طعون في أثناء هذه الفترة.
وستبدأ إجراءات الكشف عن الأدلة عقب إنعقاد جلسة المثول الأول. يزوّد المدعي العام في غضون هذه العملية أفرقة الدفاع بالأدلة التي جمعها في أثناء التحقيق والتي يعتزم الإستناد إليها خلال جلسات إعتماد التهم. ويقع عليها، كما ينص نظام روما الأساسي على ذلك، واجب الكشف للمشتبه به عن المعلومات أو المواد المبرِّئة التي تنزع بأي شكل من الأشكال إلى بيان براءته أو تخفيف ذنبه أو التي قد تؤثر على مصداقية أدلة الإدعاء.
فضلاً عن ذلك، يتضمن نظام روما الأساسي أحكاماً تسمح للمجني عليهم المشاركة في كل مرحلة من مراحل الإجراءات أمام المحكمة، ويحق للمجني عليهم تقديم آرائهم وملاحظاتهم أمام المحكمة. ويصدر القضاة التوجيهات المتعلقة بموعد مشاركتهم وطريقتها في مرحلة إعتماد التهم.
وفي جلسة إعتماد التهم ـــــــ وهي جلسة تسبق المحاكمة ـــــــ على المدعي العام أن يقدم ادلة كافية لكي تحال القضية إلى المحاكمة. وقد يطعن فريق الدفاع عن المشتيه به في التهم أو أدلة الادعاء ويجوز له أيضا أن يقدم أدلة.
ماهي حقوق المشتبه به؟
يتمتع كل مشتبه به أمام المحكمة بقرينة البراءة. ويكون حاضراً في قاعة المحكمة أثناء المرافعات إلا إذا قرر القضاة خلاف ذلك وله الحق في محاكمة علنية وعادلة ونزيهة. وفي هذا الصدد، تنصّ الوثائق القانونية للمحكمة على مجموعة من الضمانات، ومنها ما يلي:
• أن يدافع عنه محام يختاره بنفسه، وأن يقدم أدلته وشهوده وان يستخدم اللغة التي يتقنها إتقاناً تاماً فهماً وكلاماً؛
• أن يبلغ بالتفصيل بالتهم الموجه إليه بلغة يتقنها فهماً وكلاماً؛
• أن يتاح له ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه وأن يتاح له التشاور مع محامية بحرية وفي جو من السرية؛
• أن يحاكم دون تأخير لا موجب له؛
• ألا يجبر على الشهادة ضد نفسه أو يّحمل على الإقرار بالذنب، وله أن يلزم الصمت دون أن يؤخذ ذلك الصمت في الإعتبار عند تقرير الإدانة أو البراءة؛
• أن يكشف المدعي العام للدفاع عن الأدلة التي بحوزته أو تحت سيطرته والتي يعتقد أنها تظهر أو تميل إلى إظهار براءة المشتبه به أو المتهم أو تخفف من ذنب المتهم أو التي قد تؤثر في مصداقية أدلة الادعاء.
ماهي ظروف الإحتجاز في المرفق التابع للمحكمة الجنائية الدولية؟
يقع مرفق الإحتجاز التابع للمحكمة الجنائية الدولية في مباني سجن هولندي في “سخيفننغن” ــــ في ضواحي لاهاي (هولندا). وتتمثل مهمة مرفق الإحتجاز في التحفظ على الأشخاص المحتجزين تحت سلطة المحكمة الجنائية الدولية على نحو آمن ومؤمن وإنساني، يفي بأعلى معايير حقوق الإنسان الدولية في معاملة المساجين، مثل قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية.
وبالإضافة إلى ذلك، تقوم هيئة تفتيش مستقلة بعمليات تفتيش منتظمة ودون سابق إنذار، لمرفق الإحتجاز من أجل النظر في ظروف حجز الأشخاص المحتجزين ومعاملتهم.
ويعتبر المحتجزون أبرياء ما لم يُثَبت ذنبهم. وإذا أُدينوا بإرتكاب جرائم تندرج في إختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فإنهم لا يقضون عقوبتهم في مرفق الإحتجاز التابع للمحكمة لأنه ليس مرفقاً ملائماً لإدارة نظام خاص بسجناء مدانين، بل ينقلون إلى سجن خارج هولندا لقضاء عقوبتهم، شريطة إبرام إتفاق بين المحكمة الجنائية الدولية ودولة التنفيذ.
من هم القضاة المعنيون بهذه الحالة؟
تتألف الدائرة التمهيدية الثانية من القاضي أنطوان كيسيا ـــ (القاضي الرئيس) والقاضي روزاريو سلفاتور آيتالا، والقاضية توموكو أكاني. ويختر قضاة المحكمة من بين الأشخاص الذين يتحلون بالأخلاق الرفيعة والحياد والنزاهة وتتوافر فيهم المؤهلات المطلوبة في دولة كل منهم للتعيين في أعلى المناصب القضائية. وجميعهم أصحاب خبرة واسعة ذات صلة بنشاط المحكمة القضائي. وتنتخبهم جمعية الدول الأطراف إستناداً إلى ما لهم من كفاءة مثبته في القانون الجنائي والإجراءات الجنائية وفي المجالات ذات الصلة بالقانون الدولي، كالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
لماذا تحقق المحكمة الجنائية الدولية في الحالة في دارفور (السودان)؟
في 31 مارس 2005م، أحال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مستخدماً السلطة الممنوحة له بموجب نظام روما الأساسي، الحالة القائمة في دارفور منذ 1 يوليو 2002م، إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية وذلك من خلال القرار رقم “1593”. إثر إحالة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحالة، تلقى المدعي العام الإستنتاجات التي توصلت إليها لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور. وخلص إلى أن الشروط النظامية اللازمة للبدء في التحقيق إستوفيت فقرر الشروع في التحقيق في 6 يونيو 2005م، ولم تنفذ بعد خمسة أوامر بالقبض أصدرتها المحكمة في إطار هذا التحقيق بحق السادة (هارون والبشير وبندا وحسين).