الخرطوم | برق السودان – خاص
في خضم الصراع المتصاعد بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، نشأ نزاع جديد.
أعرب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، عن رغبته في استبدال المبعوث الأممي الحالي، فولكر بيريتس، مما يزيد الوضع تعقيداً في البلاد.
مبعوث الأمم المتحدة يواجه طلباً غير متوقع للاستبدال
في رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، طلب البرهان، استبدال فولكر بيريتس، الذي يشغل حالياً منصب ممثل غوتيريش، في السودان ويرأس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في البلاد.
وأكد البرهان في رسالته، أن هذا التغيير مهم للحفاظ على العلاقة بين المؤسسة الدولية والسودان.
لقد فوجئ المجتمع الدولي، ولا سيما داخل دوائر الأمم المتحدة، بطلب البرهان، غير المتوقع لاستبدال مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيريتس.
المضاربات التي تحيط بالطلب
ظهرت تكهنات حول الدوافع وراء هذا الطلب المفاجئ. كان بيريتس، الذي تولى منصبه في عام 2021، قد دفع في مناسبتين سابقتين من أجل الانتقال السياسي إلى الحكم المدني في السودان، وهي خطوة بدا أن البرهان يقاومها.
وعزا الخبير الاستراتيجي بابكر يوسف، في مقابلة مع قناة الحرة، طلب البرهان، إلى دور بيرتس، باعتباره “مهندس الاتفاق الإطاري”. تهدف هذه الاتفاقية إلى تنظيم نقل السلطة إلى المدنيين في السودان.
وأصبح هذا “الاتفاق الإطاري” نقطة خلاف بين مختلف الفصائل السودانية، بما في ذلك البرهان، وحميدتي، وقوى الحرية والتغيير التي تشكل المجلس المركزي.
وبحسب ما ورد ينظر البرهان، إلى قوى الحرية والتغيير على أنها الجناح السياسي والأرض الخصبة لقوات الدعم السريع، مما يزيد من حدة النزاع.
هجمة مرتدّة
لم يكن متوقّعاً تسليم البرهان، للقوى الديموقراطية، ممثَّلة في ما يُعرف بـ«اللجنة المركزية»، بقيادة المرحلة الانتقالية حتى مواعيد مفترَضة للانتخابات النيابية والرئاسية.
وبالفعل، نجحت سياساته وخطاباته التكتيكية المتناقضة (على سبيل المثال، بين إعلانه المتكرّر استبعاده قوى إسلامية، ودعوته القوى المدنية إلى تجنّب سياسات الإقصاء)، في خلخلة تماسك تلك القوى، وإقصاء واحد من أبرز رموزها (ياسر عرمان) عن المشهد السياسي، وتوظيف حقيقة وجود هوامش كبيرة من القوى المدنية والمسلَّحة غير الموقِّعة على «الاتفاق الإطاري»، من أجل تسويف هذا المسار بحجّة الدعوة إلى حوار وطني شامل.
وجاءت هجمة البرهان المرتدّة هذه، في وقت تتراجع فيه قوّة الحراك الشعبي وفق ما أظهرتْه ضآلة التجاوب مع دعوات الاحتشاد، في مقابل نجاح رئيس «السيادي» في تدعيم روابطه بجماعة الإخوان المسلمين وهو نجاحٌ تجلّى بوضوح في تأكيده مطلع العام الجاري إعلانه الدخول على خطّ الأزمة في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، والتي تعدّ إحدى نقاط الصراع الأميركي – الروسي في القارة، في اتّجاه دعم السياسات الأميركية في وسط أفريقيا.
وهكذا، تُمكن قراءة دعوة البرهان، إلى إعادة إطلاق حوار سياسي وطني وشامل، بالتزامن مع إطلاق نائبه، محمد حمدان دقلو، عملية شاملة لإعادة ترتيب الأوضاع الأمنية غربي السودان، على أنها انقلاب صريح على مقرّرات الاتفاق الإطاري، ومؤشّر واضح إلى تجدّد السعي لتشديد قبضة المكوّن العسكري – الأمني على مجمل المرحلة الانتقالية.
تساؤلات
منذ الساعات الماضية والتساؤلات تدور حول الطلب الغريب الذي تقدم به قائد القوات المسلحة السودانية عبدالفتاح البرهان، إلى الأمم المتحدة من أجل استبدال المبعوث الخاص، فولكر بيرتس.
وتساءل العديد من السودانيين لماذا جاءت رسالة البرهان، الآن وفي هذا التوقيت، ولم تأت حين حصلت “التجاوزات” المزعومة برأيه؟.
إلا أن الإجابة الأولية بسيطة، ففي في الثالث من يونيو المقبل، تنتهي مهمة البعثة الأممية للسودان (يونيتامس)، التي يتولى إدارتها بيرتس!.