يبقى لحين السداد ..!!
🖋 الطاهر ساتي
:: يوم الاثنين الفائت، قدّم د. أكرم التوم وزير الصحة أعداداً جديدة عن حالات الإصابة والاشتباه بجائحة (كورونا)، وقال في مُقدِّمته بالنص: (السلام عليكم ورحمة الله.. المُواطنون الأعزاء، يُسرنا أن نُقدِّم لكم تحديثاً لوباء كورونا المُستجد)، ثُمّ سرد تفاصيل الحالات الجديدة.. وعليه، إن كان وزير الصحة يُسعده عرض أخبار تُصيبكم بالحُزن والخَوْف والاكتئاب، فأنا أيضاً يُسعدني عرض حوار يُصيبكم بالحُزن والخَوْف والاكتئاب..!!
:: صديقنا عمار عوض – مراسل القدس العربي بالخرطوم – أجرى حواراً مع إبراهيم البدوي وزير المالية، وسأله عن مخاطر حظر التِّجوال الكامل على ذوي الدُّخل المَحدُود، فأجاب بالنص: (قُمنا بعدة خطوات منها، حصر بائعات الشاي، ووجدنا أنّهن “36 ألف سيدة” في العاصمة، واعتمدنا لهن “210 ملايين” خلال هذا الشهر، بواقع “6 آلاف جنيه” لكلِّ سيدة.. ولكن الآن تَغيّر تفكيرنا، لأنّ بائعات الشاي لَسنَ في الخرطوم فقط، كَمَا يُوجد قطاعٌ كبيرٌ من الباعة غير المُنظّمين والمُستحقين للدعم، وبالتالي قد لا ندفع 6 آلاف جنيه لكل سيدة، لأنّ هناك فئات جديدة ستدخل من أصحاب المهن الهامشية)..!!
:: وتفسير هذا الحديث يَعني أنّ وزير المالية يُقرِّر أولاً، ثُمّ يُفكِّر لاحقاً.. أي قرّر دفع (6 آلاف جنيه) لكلِّ بائعة شاي بالخرطوم، ولكن – فَجأةً – اكتشف أنّ بائعات الشاي لسنَ في الخرطوم فقط، بل في كل السُّودان.. ثُمّ اكتشف – فجأةً أيضاً – أنّ هناك فئات أخرى – غير بائعات الشاي – بحاجةٍ إلى الدعم.. كل هذه الاكتشافات الجديدة لم تكن في خاطر وزير المالية، ولم تكن في خُطته عندما قرّر دعم بائعات الشاي بالخرطوم.. هذا أو أنّ سيادته كان يظن بأنّه وزير مالية ولاية الخرطوم فقط، ثُمّ تفاجأ بأنّه وزير مالية السُّودان، ولذلك صَرَفَ النظر عن أمر دعم بائعات الشاي بالخرطوم..!!
:: وعندما سألته الصحيفة عن كيفية التّعامُل مع الأزمة في حال تَجاوُز فترة العزل الصحي الكامل لأُسبوعين أو أكثر، فَأجَابَ وزيرنا بمُنتهى الثقة: (لا بُدّ من تقديم سِلَعٍ تموينية للمُواطنين، وهو ما يَستوجب من الدولة شراء كميات مهولة من السِّلع الغذائية والأدوية وتوزيعها بكفاءةٍ عاليةٍ، وهذا الأمر اتّفقنا على أن تقوم به وزارة التجارة والصِّناعة، وأعتقد أنّ لديهم برنامجاً مَعقولاً لآلية التوزيع، لكن إذا طَالَت فترة الحجر، فقد نضطر إلى طلب دعمٍ من البنك المركزي مثل مَا حَدَثَ في عددٍ من الدول التي تَوسّعت في التمويل النقدي المُباشر للمُواطنين)..!!
:: مُمتاز، لم يعد هُناك خَوْفٌ على الفئات الضعيفة في حال فرض حظر التِّجوال الكامل، ولفترة تتجاوز الأسبوعين أو أكثر.. لم يعد هُناك خَوْفٌ على الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى في كل أرجاء السُّودان، ولا هُم يحزنون.. فالسيد وزير المالية يعدهم بشراء كميات مهولة من السِّلع الغذائية وتوزيعها بكفاءةٍ عاليةٍ عبر وزارة التجارة والصناعة، وقد يطلب لهم المال من البنك المركزي كما تفعل الدول.. فالوضع مُطمئنٌ للغاية حسب حديث البدوي..!!
:: ولكن، سألت الصحيفة : من أين سَتجدون هذه الأموال لتقديم الدعم المُباشر للناس؟.. فأجاب، حفظه الله، بالنص القائل: (نحن قدّمنا عدة طلبات للدعم، منها طلبٌ عاجلٌ قَامَ به رئيس الوزراء لـصندوق النقد الدولي، وأيضاً قدّمنا طَلب مُساعدة من بنك التنمية الإسلامي، والآن بصدد تقديم طلبٍ للبنك الدولي، وبالطبع سنستخدم مواردنا الذاتية رغم شُحِّها لمُواجهة الموقف)، هكذا رده.. وهذا يعني حَبس النَّاس في بُيُوتهم عاجلاً، ثُمّ التفكير في كيفية دعمهم آجلاً.. أو يبقى الشعب حبيساً لحين سداد بنك التنمية الإسلامي والبنك الدولي وصندوق النقد مبالغ الدعم..!!