تقارير

البرهان يفتح جبهة صامتة مع الإخوان

كواليس وقف التمويل وخطة الإقصاء من المشهد

الخرطوم | برق السودان 

كشفت مصادر مطلعة في بورتسودان والخرطوم عن تصدّع جديد داخل شبكة التحالفات التي بناها الجيش السوداني مع الإسلاميين على مدار سنوات، وذلك بعد قرارات غير معلنة اتخذها الفريق أول عبد الفتاح البرهان بوقف التمويل الموجه للحركات الإسلامية، والسير في مسار مغاير يقوم على الانخراط في عملية السلام وإبعادهم عن أي دور سياسي في المرحلة المقبلة. هذه الخطوة وُصفت من قبل بعض المقربين بأنها “انقلاب صامت” على شراكة فرضتها ظروف الحرب والاضطراب.

كواليس الاجتماعات: البرهان يرفض “الفاتورة المفتوحة” للإسلاميين

تفيد المعلومات التي حصلت عليها مصادر صحفية أن اجتماعات مغلقة جرت خلال الشهرين الماضيين داخل مكاتب عسكرية حساسة في بورتسودان، شهدت مواجهة مباشرة بين البرهان وعدد من قادة التنظيم الإسلامي حول حجم الأموال التي تُضخ من خزائن الجيش لدعم أنشطة الحركات الموالية لهم.

البرهان، وفق التسريبات، أبدى غضباً متزايداً مما اعتبره “فاتورة مفتوحة” تستنزف موارد الجيش دون عائد سياسي أو عسكري حقيقي، في وقت يواجه فيه ضغوطاً دولية تتهمه بتغذية نفوذ الإسلاميين على حساب مسار السلام. هذا النقاش انتهى بقرار حاسم بتجميد التمويل المباشر وقطع خطوط الإمداد، وهي الخطوة التي أحدثت ارتباكاً في صفوف الإسلاميين.

التمويل السري: شبكة أموال بين الجيش وواجهات الإسلاميين

منذ اندلاع الحرب، اعتمدت الحركات الإسلامية على شبكة تمويل معقدة مرّت عبر الجيش ومؤسسات اقتصادية محسوبة عليه. مصادر من داخل مؤسسات مالية في بورتسودان كشفت أن ملايين الدولارات كانت تُحوَّل إلى واجهات تجارية وخيرية مرتبطة بقيادات إسلامية، قبل أن يتم ضخها في عمليات التجنيد والتسليح والإعلام.
لكن بقرار البرهان، جرى تفكيك هذه القنوات تدريجياً، ما ترك الحركات الإسلامية أمام فراغ مالي غير مسبوق، وأجبرها على البحث عن دعم بديل عبر علاقات خارجية تمتد إلى تركيا وقطر، إضافة إلى محاولات إعادة إحياء قنوات تمويل غير رسمية عبر السوق السوداء.

حسابات البرهان: سلام خارجي مقابل إقصاء داخلي

يدرك البرهان – بحسب مراقبين – أن استمرار تحالفه مع الإخوان يكلّفه ثمناً سياسياً باهظاً في علاقاته مع الفاعلين الدوليين، خصوصاً الدول الغربية والسعودية التي تضغط من أجل عملية سلام شاملة تُقصي الإسلاميين. لذلك اختار مواجهة “التيار الإسلامي” داخل مؤسسات الدولة، ولو تدريجياً، لإرسال رسالة طمأنة إلى الأطراف الخارجية.

هذه الحسابات جعلت البرهان يقدّم نفسه كضامن لانتقال سياسي جديد، قادر على ضبط الجيش من جهة، وإبعاد الإسلاميين من جهة أخرى. لكن هذا المسار لا يخلو من مخاطر، إذ يمكن أن يفتح الباب أمام مواجهة داخلية مع شبكة الإسلاميين التي ما زالت تحتفظ بأذرع قوية داخل الأجهزة الأمنية والدعوية.

غضب مكتوم وتحركات خلف الكواليس

رغم الصمت العلني، إلا أن الإسلاميين بدأوا بالفعل في ترتيب اجتماعات سرية بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى مع قادة مكاتبهم السياسية والدعوية. التسريبات تشير إلى أنهم يعتبرون قرارات البرهان “طعنة في الظهر”، ويبحثون عن قنوات بديلة لإعادة التموضع، سواء عبر تحالفات جديدة داخل الجيش أو من خلال اتصالات مع عواصم إقليمية تدعم حضورهم.

وتحذر بعض التقديرات من أن هذه الخلافات قد تدفع الإخوان إلى عرقلة خطوات البرهان عبر شبكاتهم الإعلامية والدعوية، وربما حتى تحريك الشارع أو بعض الوحدات العسكرية الموالية لهم، وهو ما قد يفتح جبهة صراع جديدة تزيد من تعقيد المشهد السوداني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى